الفصل التاسع من إنه القدر.."إنا رادوه إليك"

1K 33 1
                                    

٩
"انتظار"

عندما نفقد أشخاصًا نحبهم نشعر بأن الحياة توقفت عند لحظة فراقهم،
نشعر بأن أرواحنا تركتنا وذهبت معهم!
نقول دائمًا لمن نحبه..(لن أقدر على الحياة بدونك)..ولكن فكرنا لا يذهب لأبعد حد لهذه الجملة إلى أن يتركنا أعز حبيب علينا،وقتها نشعر بمرارة الفراق،بوجعه وقهره!
ولكن هذا الفراق أصبح أبديًا يا بلال الآن لن أراك بعد اليوم إلا عندما تتكرم أحلامي وتأتي بك لي!
تذكرت قول عمر بن أبي ربيعة
وما جَذِلتُ لِشَيءٍ كانَ بَعدَكمُ . . ولا مَنَحتُ سِواكِ الحُبَّ مِن بَشَرِ..!
..
كانت ندى تكتب في دفتر يومياتها هذه الكلمات ثم أضافت عليه وفمها ينطق بما تضيفه أيضًا بأسى:وحشتني يا بلال ووحشني الأمان اللي كنت بحسه معاك رغم صغر سنك بس وأنا جنبك كنت بحس العالم كله مش شيء يُذكر،
أنا مش مصدقة لعبة القدر معايا بالطريقة الصعبة دي!
اتربينا سوا أيتام وإنت اللي كنت بتفرحني وأستاذة أسماء كمان كنتم دايمًا بتخافوا على زعلي وبتأمنولي الراحة
وحشتوني يا بلال وحشتوني أوي
اتفرقنا يوم الحريق ولولا ستر الله ماكنتش هكون في بيت وعيلة ليا
وكل الناس كانوا بيقنعوني بموتك وأنا والله ما كنت مصدقة كنت حاسة بيك بتنبض في قلبي،
لحد ما اللي حصل حصل..
وعرفت حقيقة إنك مُت من فترة
ماكنتش قادر تستنى نتقابل؟!
للدرجة دي فراقنا محتوم يا بلال!
وكمان ظهر واحد تاني اسمه بلال في حياتي زي اللي قبله
بس بصراحة أنا قلبي دق لده بطريقة غير طبيعية لدرجة إني حسيت إني بخونك فبعدت عنه
يا الله ارزقني بالخير قلبي شقى كتير ياربي ومحتاجة أرتاح.
وخلاص بإذن الله هبدأ حياة جديدة وصفحة جديدة مع نفسي ما هو لازم أعيش!
**************************
كان بلال يجلس في حديقة منزله وحيدًا شاردًا حتى أتت والدته وقالت بحُب:ابني حبيبي قاعد لوحده ليه؟
ضحك بلال بعدما انتفض لأنها أفزعته:بسم الله الرحمن الله
سلم يارب سلم اهدي عليا كنت سرحان وخضيتيني والله!!
تصنعت إيمان الغضب وقالت بحزن طفولي وهي عاقدة ذراعيها على صدرها:يا الله عليك يا بلال تقول ليا كده؟!
طب أنا زلعانة هه
ضحك بلال بشدة على هيئة والدته الطفولية وقال بصعوبة لعدم مقدرته على إيقاف ضحكاته:زلعـ.. زلعااانة يا عيني يا بنتي
معلش يا حبيبتي أجيبلك شيكولاتة؟
ضحكت إيمان هي الأخرى بشدة فلم تعد قادرة على التصنع أكثر وقالت بحنان:ده أنا اللي أجيبلك الحلو كله بس إنت تشاور يا حبيب قلبي
ابتسم بلال بكسرة وقال لها بجدية:تعرفي أنا أقدر أخبي كل حاجة عن كل الناس إلا إنتِ يا أمي
بادلته إيمان نفس الابتسامة وقالت:أنا عارفة إنك لسه بتفكر فيها يا بلال
بس لازم تشوف حياتك ومستقبلك ودنيتك
إنت لسه صغير على إنك تشيل الهم ده كله
ولازم تحط في بالك إن اللي بيروح بيبقى خير إنه راح ويمكن يرجعلك تاني أحسن وأحسن على فكرة
بس خلي عندك يقين وحسن ظن بالله وبإنه هيجبرك يا حبيبي والله
اتسعت ابتسامته ولكنها تشع بالأمل هذه المرة وقال لها شاكرًا:شكرًا يا أجمل أم في الدنيا
ماتعرفيش كلامك ده بيفرح قلبي إزاي.!
وبيعطيني أمل لبكرة وقدرة إني أكمل
إنتِ أجمل رزق في حياتي
قهقهت إيمان بسعادة فكلمات ولدها أسعدت قلبها جدًا.
وتمنت في هذه اللحظة أن تحتضنه بين يديها وتطمئنه وهي متأكدة بأنه يتمنى ذلك أيضًا الآن!
وصلت أصوات ضحكاتها لمسامع محمد الذي زغرد قلبه لسماع هذه الضحكة التي يعشقها وتبعث في قلبه الأمل.
الله الله على الضحك اللي مالي البيت النهاردة اللهم بارك يااارب
كان هذا محمد فقد ذهب إليهما والابتسامة مرتسمة على شفتيه
قام بلال واحتضنه بشدة وقال له مازحًا مداعبًا:احسدنا بقا يا عم محمد احسدنا
أمسك محمد أذنه وقال بمزاح مخلوط بالسعادة:لولا إنكوا فرحانين كده كنت هعلقك من ودانك
رد بلال وهو يتصنع الخوف:لا يا بابتي ده إنت الحب كله يا باشا هو حد يقدر يزعلك
ضحكوا جميعًا فهذه الأجواء لم تزر المنزل منذ فترة ليست بقصيرة
فقال بلال لهما بسعادة:النهاردة بقا خطوبة وعقد علي أكيد هتيجوا يعني معايا
إيمان بابتسامتها الصافية:أكيد ده هو كلمني وكلم محمد هيكون عيب أوي يعني لو ماروحناش وهو زيك بالظبط والله يا بلال وبنحبه وبنعزه
قال محمد مداعبًا لبلال:ياااارب تطلع من هناك بعروسة يااااارب ياااارب
قهقه بلال وقال بأريحية:لا تقلق يا والدي العزيز مفيش عنده اختلاط يا باشا يعني مش هشوف بنات
قالت إيمان بثقة:صدقني لو نصيبك هناك هتلاقيه
*********************
كانت صفا تتحدث في الهاتف وهي جالسة على سلم العمارة التي تقطن بها وتقول بميوعة:لا مش هقولها طبعًا دلوقتي أنا قاعدة على سلم العمارة وأخاف لو حد سمعني
لا لا مش هقولها ماتحاولش
طيب إذا كان كده ماشي هقولها
بحبك يا سامر بحبك أوووي
ارتحت كده بقا؟!
هقوم أنا بقا كده أحسـ.....
قاطع حديثها سماعها لأحد ينزل على الدرج فقالت له بخوف:اقفل دلوقتي في حد نازل على السلم يلا بااااي
نظرت فوجدته إسلام الذي عندما رآها توردت وجنتاه وقال بخجل ولم ينظر لها كعادته عندما يتعامل مع الفتيات:إزي حضرتك يا صفا؟
قالت بتأفف متصنعة الابتسامة:كويسة وإنت؟!
قال بابتسامته الصافية:بخير الحمدلله
أخبار المذاكرة إيه يااارب تكون كويسة
أجابته ببرود:ماشية وإنت؟
قال والابتسامة ما زالت تزين وجهه:والله الحمدلله بس بصراحة خايف شوية كده لإن في مواد صعبة بس بإذن الله خير والله أنا عارف إن ربنا بيعمل كل حاجة خير
ابتسمت هذه المرة له وقالت:ربنا يفرح قلبك ويوفقك والله إنت تستاهل كل خير يا إسلام
ما أن ذكرت اسمه شعر بأن قلبه سيقفز من بين ضلوعه واحمرت وجنتاه أكثر وأكثر فقال بطريقة فكاهية غير مقصودة منه أضحكتها بشدة:يا نهار أبيض
أنـ.. أنـ... أنا همشي ها يلا في رعاية الله بقا
وادخلي جوا ماتقعديش كده تاني هنا يلا سلام
هبط السلم مهرولًا وهي تضحك بشدة عليه فهل يوجد بهذا الزمن شاب يخجل بهذه الطريقة!
دلفت لشقتها فقابلت أختها فرأتها ندى تضحك بشدة فقالت لها متعجبة: بتضحكي على إيه يا صفا كده؟!
قالت صفا من بين ضحكاتها:إسلام ده مسخرة أوي يا ندى
ضحكت ندى لضحكاتها ثم قالت:ليه عمل إيه؟
قصّت عليها صفا كل ما حدث وختمت قائلة:بس أنا مستغربة إن لسه في ولاد بيتكسفوا كده والله
ابتسمت ندى وقالت وهي ممسكة بيد أختها:يا صفا يا حبيبتي الحياء شعبة من شعب الإيمان
طب هحكيلك حاجة بقا عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت عن لسان رسولنا الحبيب إنه قال.."إن عثمان حيي ستير تستحي منه الملائكة" وده لشدة خجله
وحصل موقف كمان إن مرة كان الرسول صلى الله عليه وسلم قاعد في بيته ومكشوف الساقين وفي قالوا إنه كان مكشوف الفخذين فدخل عليه أبو بكر ماتحركش دخل عليه تاني عمر بن الخطاب ماتحركش لكن لما دخل عليه عثمان ابن عفان قعد وغطى رجليه ولما السيدة عائشة سألته بعدها قالها كده.."ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة"..!
يعني الحياء ده حاجة حلوة أوي يا ست صفا ويا جماله لو عند الراجل بالذات
ابتسمت صفا ثم احتضنتها بقوة وقالت بحب:ربنا ما يحرمني منك يا أجمل أخت في الدنيا
ربتت ندى على ظهرها وقالت بحنان:ولا منك يا حبيبة قلبي
بقولك إيه تيجي معايا الخطوبة النهاردة؟
عقدت صفا حاجبيها وقالت بتعجب:بس أنا ماعرفهاش!
ابتسمت ندى وقالت لها:لا عادي دي هتفرح أوي يا صفا والله
بتصعب عليا وكمان ماعندهاش أخوات ومامتها متوفية والمفروض نروحلها من دلوقتي أصلًا قبل الظهر ما يأذن كنت متفقة مع سما على كده جهزي نفسك وتعالي معانا
قالت صفا بتفكير:طب ألبس ايه؟!
نظرت لها ندى بنظرة ذات مغزى ففهمتها صفا وقالت بسرعة:لااااا مش هلبس فساتين لاااا
حاولت ندى إقناعها وقالت بهدوء:حاولي يا حبيبتي حاولي اللبس الطويل حلو والله جربي مش هتندمي
على الأقل جربي النهاردة ده حتى مناسبة
قالت صفا بعد تفكير لوهلة:حاضر بس بشرط لو ماعجبنيش مش هروح بيه تمام؟!
ابتسمت ندى وقالت بثقة لأنها تعلم بأنها ستُعجب به:موااافقة جدًاااا
********************
والله يا ست سمية ده اللي سمعته وبقالي سنين على الحال ده متشتتة كده ومش عارفة هي بتخطط لإيه بالظبط
كانت هذه سميرة تقص على سمية ما استشعرته طوال هذه السنوات ثم أكملت بعدما تنفست الصعداء:والله كان نفسي أقولك من زمان بس خُفت ماتصدقونيش علشان أنا مجرد شغالة
قالت لها سمية بسرعة محاولة مقاطعتها عن تكملة هذا الهراء:إنتِ بتقولي إيه يا سميرة يا حبيبتي إنتِ معانا هنا من سنين وعمري ما أفكر فيكِ غير بكل خير وطبعًا مصدقاكِ
بس مش عارفة إيه اللي ممكن تكون عملته وبيلاحقها كده؟!!
يلا بكرة الأيام تبين كل حاجة بس خليكِ معايا بقا في الموضوع ده لحد ما نشوف حل وخلي الموضوع ده بيني وبينك بس
قالت سميرة وهي تشير على عينيها وبابتسامة:من عينيا الاتنين يا ست سمية
*********************
كانت أسماء تجلس برفقة آسر ذاك الصغير الذي تنسى بجواره كل متاعب ومشاق الحياة
سمعت صوت دينا تنادي عليها فقالت بصوت عالٍ لتُسمعها:أنا في البالكونة يا دينا يا حبيبتي تعالي
وصلت لها دينا وقال بحب:وحشتيني من الصبح لدلوقتي يا ست الكل
ضحكت أسماء بشدة وقالت ممازحة:يا بكاشة لحقت يعني؟!
ابتسمت لها دينا بصفاء وقالت بجدية:والله وحشتيني أوي يا ماما أسماء وبتوحشيني وفعلًا بشوف فيكِ أمي
ربنا يباركلنا في عمرك يااا رب
احتضنتها أسماء بشدة وقالت لها بحنان:أنا أمك يا ضنايا وبحبك جدًا ربنا ما يحرمني منك إنتِ وأحمد يا حبيبتي
ويرجع لينا بلال وندى سالمين
نظرت لها دينا بشفقة وقالت وقد شعرت بغصة في قلبها:يا ماما مش هتنسي بقا حرام عليكِ نفسك
نظرت لها أسماء نظرة معاتبة وقالت بحزن:حتى إنتِ يا دينا؟!
ده أنا بقول عليكِ العاقلة اللي هتفهمني
مسكت دينا بيديها وضمتهما لصدرها وقالت بكل الحب المكنون لها:حاضر يا ماما هفهمك وهستنى معاكِ رجوعهم لآخر العمر
بس ممكن تفضلي كويسة علشاني أنا وأستاذة رباب وأحمد وآسر؟!
ضمتها أسماء مرة أخرى وقالت لها بنبرة حانية:وهو أنا ليا غيركوا يا بنتي!
ربنا ما يحرمني منكم

رواية إنه القدر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن