الفصل العشرون من إنه القدر..'إنا رادوه إليك'

1K 35 0
                                    

٢٠
"بلال"

لن ينتهي الشر من هذا العالم إن لم تتجمل النفوس أولًا!
اتصلت سهير بسامي،فأجاب عليها قائلًا:أيوة يا مدام
قالت له سهير بنبرة متأسفة:أنا آسفة يا سامي علشان ماقدرتش أساعدك بس ساعدني أنا محتاجة مساعدتك فعلًا!
قال لها سامي بلؤم:عينيا يا ست هانم
فرحت سهير بقوله وقالت بلهفة:ده بجد يا سامي!
يعني هتعمل اللي قُلتلك عليه وتقتل؟
رد سامي مراوغًا:أكيد يا ست هانم بس عاوزة أعرف هقتل مين أول!
وحتى تثق بحديثه أكثر قال مدعيًا الحزن:أنا مش عارف أعيش ومحتاج فلوس ومن ساعة ما بطلت الشغل إياه وأنا حالي واقف يا ست هانم
ظهرت ابتسامة الانتصار على وجه سهير وقالت بدون وعي:طب بص فاكر اللي إنت خطفتهم وهما صغيرين؟
تصنع بأنه تذكر بصعوبة:آاااه يا ست هانم آه طبعًا فاكر
اللي حضرتك قُلتيلي أوديهم دار أيتام في القاهرة بعيد عنكم صح؟
قالت بابتسامة خبيثة:أيوة هما دول
في واحد رجع منهم يا سامي وأنا مش عارفة أعمل إيه غير إني أقتله
قال لها سامي متصنعًا الطاعة:أوامرك يا هانم هدبرلك خطة في أقرب وقت وأقولهالك
قالت له:تسلم يا سامي بس بسرعة ماتطولش عليا
أغلقت الهاتف ولا تعلم بأنها جَنت على نفسها،
فقد كان سامي يسجل المكالمة وبجانبه ياسين وحسن الذي كان مصدومًا لأنه لم يصدق ياسين في بادئ الأمر!
قال ياسين لحسن بحزن:سمعت بنفسك يا حسن؟
أنا على فكرة مش مصدق لدلوقتي اللي هي عملته ده ولا الدافع إيه من ده كله!
بس اللي أعرفه إني لازم أوديها في ستين داهية يا حسن ومش هيهمني إنها مرات أخويا
دي مش إنسانة أصلًا علشان تحرم طفلين من أهاليهم السنين دي كلها.
قال حسن بصوت غلبه الحزن:طب وآمين يا ياسين؟!
هيعمل إيه لما يعرف إن مراته مجرمة؟
ده الله أعلم هي عملت إيه تاني من ورا ضهرنا ومش عارفين!
تنهد ياسين بألم ثم قال له:ربنا يستر والله
بس لما يعرف هيكون أحسن ما يكون مخدوع كده
ثم نظر لسامي وقال له:شكرًا يا سامي لإنك اعترفت بكل حاجة للبوليس وأنا خرجتك منها زي ما وعدتك،وصدقني أنا مقدر إنك عملت كده بدافع إنك محتاج فلوس بس اللي زعلان منه إنك ماقدرتش إن قلوب أهل الطفلين دول هيتحرقوا إزاي عليهم!
نظر له سامي بألم وبأسف أيضًا ثم قال:أنا آسف يا ياسين بيه
بس الحَوجة مُرة والله وإنت ماتعرفش الغلابة اللي زينا بيبقوا عايشين إزاي ولا بياكلوا إزاي ولا أي حاجة
لحد ما بنتي ماتت مني ودي حاجة حسيتها عقاب من ربنا على اللي عملته في دنيتي
ولو ربنا حرمكم سنين من أولادكم فأنا اتحرمت من بنتي العمر كله
يلا الحمد لله على كل حال يا أستاذ ياسين بس سامحني بجد من قلبك
ربت حسن على كتفه ثم قال له:خلاص يا سامي المهم دلوقتي نلاقي بنتي ندى أنا كنت فقدت الأمل بس لما بلال رجع أملي في ربنا كبر والله
" الله المستعان على ما تصفون"
************************
"وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا"!
قالها مجنون ليلاه،وعندنا مجنون نداه!
....
اتصلت أبرار بندى فلم تجب،فاتصلت مرة أخرى فردت هذه المرة فقالت لها بلهفة كبيرة ودموعها تسيل على وجنتيها:يا ندى بلال عايش
صمتت ندى مع قول أبرار لهذه الجملة ثم قالت بهدوء تام:بتقولي إيه يا أبرار؟
قالت أبرار لها ببكاء:أنا تحت بيتك أهو وطالعة ومعايا علي إلبسي أي حاجة بسرعة
صرخت ندى وقالت ببكاء هي الأخرى:إنتِ بتقولي إيه يا أبرار بالله عليكِ؟!
صرخت بها أبرار وقالت:اسمعي الكلام وقومي إلبسي أي حاجة علشان خلاص بقينا عند باب العمارة
قامت ندى بلهفة وسرعة بين دموع وآهات وحديث مع نفسها تبحث عن أي شيء ترتديه حتى استقرت على عباءة وخمار
ارتدت ملابسها وخرجت من الغرفة وقالت لوالدتها وأختها وهي تبكي:قوموا إلبسوا أي حاجة كده لإن أبرار جاية هي وعلي
عقدت والدتها ما بين حاجبيها وقالت بتعجب:في إيه يا بنتي؟!
إنتِ كنتِ بتعيطي ولا إيه؟
قالت لها ندى برجاء:بالله عليكم بس ادخلوا إلبسوا أي حاجـ...
سمعن صوت جرس المنزل فقامت صفا ووالدتها ودلفت كل واحدة إلى غرفتها.
ذهبت ندى وفتحت الباب بسرعة فوجدت أنهما بالفعل؛فجذبت أبرار من ذراعها وقالت لها وهي تحاول الثبات ولكنها فشلت:إنـ.. إنتِ قُلتي إيه؟!
بلال بجد عايش يا أبرار؟
عرفتِ إزاي يا أبرار بالله عليكِ أنا مش مصدقة!
تنهدت أبرار ثم قالت لها في محاولة منها أن تهدئها:طب تعالي ندخل جوا بس ونقعد كده وهحكيلك كل حاجة
بالفعل ذهبوا للداخل وخرجت لهم صفا وبعدهت والدتهما وجلسوا جميعًا معًا..
بدأت أبرار في قَص كل ما حدث وثلاثتهم يحملقون بها وبعلي الذي كان يشعر بالأسف الشديد حيال ندى و
صديقه بلال.
عندما انتهت أبرار من الحديث قالت ندى وهي تبكي بشدة:أنا كنت حاسة إنه هو من أول مرة شوفته فيها!
ماعرفش أنا ليه حسيت بكده بس بجد قلبي يومها حسيته عرفه لما سمعت ضحكته بس قُلت مستحيل ويمكن بوْهم نفسي علشان اسمه بس بلال!
ويوم ما علي قال إن بلال صاحبه مات أنا بجد ماقدرتش أتكلم حتى سما هي اللي ردت عليه
أنا عاوزة أكلم بلال وعاوزة أكلم أستاذة أسماء وأفرحها
عاوزة أكلم سما وأحمد ودينا
عاوزة أثبت لكل الناس إني لما حسيت بيه قلبي ماكذبش عليا
قلبي كان عارف مين بلاله!
أخرج علي الهاتف الخاص به واتصل برقم بلال الذي كان يجلس برفقة سمية وإيمان ومحمد فأجاب بلال وهو يقول له مداعبًا:حبيبي يا علي والله كان نفسي أكلمك من زمان وعندي ليك خبر بمليون جنيه
قال له علي وهو يبتسم وفتتح مكبر الصوت للهاتف:وأنا عندي ليك خبر بالدنيا وما عليها،أنا لقيت ندى
صرخ بلال على الطرف الآخر قائلًا بعدم تصديق:بتقول إيه؟
إنت بتتكلم بجد؟!
عرفتها إزاي يا علي؟
علي أنا مش فاهم حاجة!
قالت له سمية بقلق عندما وجدته بدأ في البكاء بعدما أمسكت بيده:في إيه يا ابني؟
قال لها بنبرة فرحة مختلطة بالدهشة والعديد من المشاعر المختلطة:ندى يا ماما
علي بيقول لقاها يا ماما
أنا مش مصدق نفسي
سمع صوت بكاء فتاة فقال بلال بهدوء:هي اللي بتعيط دي؟!
إحكيلي يا علي إيه اللي حصل؟!
قال علي له:دي ندى الجوهري يا بلال
إنت كنت صح وأنا اللي غلطت
أنا اللي قُلت ليها إنك مُت وهي اتصدمت
أبرار مراتي صاحبتها وحكتلها وأبرار جت سألتني بلال مات إزاي ومن هنا كل حاجة اتضحت يا بلال
أنا مش مصدق نفسي أصلًا يا بلال
وأنا آسف على غبائي ده والله أنا ماعرفش ليه قُلت إنك مت ربنا يبعد الشر!
قال محمد لأنه سمع كل شيء:تصدقوا بالله أنا كنت حاسس بالبنت دي وبالذات لما كلمتها يوم خطوبة علي
قال بلال عندما حسم أمره:اقفل يا علي وأنا هاجي النهاردة بإذن الله
أغلق بلال الهاتف فبكت ندى بشدة وقالت لأبرار:هو مش عاوز يكلمني؟
هو ليه ماكلمنيش؟!
حاولت أبرار أن تهدئ من روعها وقالت:أكيد يا ندى مش قادر يستوعب اللي حصل
هو بيقول هييجي النهاردة أهو لإن علي بيقول إنه في اسكندرية
قالت لهم ندى بهدوء:أنا هدخل أوضتي ومحدش ييجي ورايا بالله عليكم سيبوني لوحدي
دلفت ندى إلى غرفتها واحتضنت وسادتها وهي تبكي بشدة لا تعلم هل هي دموع فرحة رجوعه أم أنه من حزنها لأنها لم تحادثه!
ذهبت بذاكرتها إلى ملامحه تذكرتها بسرعة شديدة،كيف ستشعر عندما تلتقي به؟!
كيف ستقابله وجهًا لوجه بعدما اكتشف حقيقة هويته؟!
وأنه...وأنه بَلالها؟
قامت وأحضرت القلادة التي أهداها إياها في صغرهما وارتدتها..ارتدتها هذه المرة وهي تشعر بأنها تعقد ماضيها حولها!
أقسمت أن لا ترتديها إلا عندما تأتيها ريح عودة بلالها!
أحضرت دفترها وكتبت:كيف سأنام هذه الليلة يا الله؟
كنت أسأل نفسي هذا السؤال دائمًا..كيف سأنام ليلة عودة بلال؟
هل سيأتي بالفعل اليوم؟
هل سأراه اليوم؟!
يا الله أرح قلبي يا الله.
************************
كان بلال يحضر حقيبته والبسمة تعلو وجهه ويقول بفرحة:الحمدلله الحمدلله يا رب
يا رب كرمك كبير والله وعوضت صبري السنين اللي عدت كلها وبكل اللي كنت بتمناه!
سمع صوت سمية تقول له بفرحة:أنا بجد قلبي فرحان يا بلال على رجوعكم إنتوا الاتنين
أنا كنت حاسة إنها هي لما إنت حكيتلي
أنا صاحبك علي ده هقتله يا بلال لو شوفته هقتله
ضحك بلال بشدة وهو يخرج القلادة الخاصة به ويضعها بحقيبته وجلس على فراشه وقال لوالدته:صدقيني يا ماما أنا لدلوقتي مش قادر أصدق إن القدر جابني ليكم وكمان ندى لقيتها،ده أنا أموت وأنا متطمن بقا يا ماما!
ضربته بخفة على يده وقالت معاتبة:ربنا يبعد عنك الشر يا بلال وندى ترجع لينا بقا علشان نفرح بيكم
احمر وجه بلال خجلًا وقال بتلعثم:آه يا ماما هتيجي معانا صح أنا وبابا؟
ضيقت سمية عينيها وقالت مداعبة له:شوفوا اللئيم يا ناس شوفوا!
وشك فضحك خلاص
ده اللي يشوفك كده يقول إنك العروسة مش العريس
احتضنته بشدة ثم قالت له:ربنا يقربكم من بعض يارب ويبعد عنكم أي حاجة وحشة
قال بفرحة:يا رب يا ماما يارب
دعواتك لينا يا غالية

رواية إنه القدر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن