١٤
"لعبة القدر"كانت ندى تجلس في غرفتها تفكر في أحداث هذا اليوم العجيب الذي مر عليها!
كانت تفكر بذاك الشاب الذي يدعى بلال!
هل هذه مجرد صدفة؟
أم أن القدر يلعب معها هذه المرة أيضًا كعادته؟
ولكن لو كان كل هذا بفعل القدر فيا ويلي الآن!
قالت بصوت عالٍ تحدث نفسها وهي تنظر للفراغ:يا ترى لعبة القدر معايا المرة دي إيه؟
أنا يوم ما شوفته في حاجة جذبتني ليه
مش فاهمة حاجة يا ربي
معقول يكون جذبني ليه مجرد الاسم؟
ممكن أيوة ممكن
ممكن يكون علشان اسمه بلال بس صح.
آه بس..
جاءها صوت يقول:لا مش بس
شكلك حبيتيه يا قطة
نظرت لمصدر الصوت الذي تعلمه جيدًا وقالت بلامبالاة:حبيت مين يا بنتي بطلي هبل!
قالت لها صفا بتعجب:طب في إيه بقا؟!
تأففت ندى ثم قالت وقد زمت شفتيها:مش عارفة
بس كل ما أنساه أفتكره تاني أو بمعنى أصح حاجة بتفكرني بيه!
ربتت صفا على يدها ثم قالت:بصي يا ندى إنتِ ماينفعش تفضلي حابسة نفسك في الماضي كده كتير
بلال مات خلاص وكمان عرفتِ واتأكدتِ من كده لما صاحبه قالك في الكلية
نظرت لها ندى وقد لمع الحزن بعينيها ثم قالت:أنا أصلًا مش مقتنعة ومش عارفة ده حصل إزاي!
قالت لها صفا بعدما عنفتها بشدة:ندى فوقي لنفسك شوية وبطلي تتعبي في روحك وتهلكيها كده!
اللي مات مابيرجعش
احتضنت ندى وسادتها وهي تبكي بحرقة ثم قالت لصفا:اخرجي وسيبيني
خرجت صفا من الغرفة وبعدها قامت ندى وجلست على مكتبها الصغير وفتحت دفتر يومياتها وكتبت...
"أقسم بأني لا أستطيع وصف ما يشعر به قلبي الآن!"
ولكن ما أستطيعه هو أن أشعر به لأنه من الظُلم بمعناه العظيم أن لا يشعر به أحد هذه المرة،ولا يوجد سواي بجانبه الآن،أستشعر اضطراب نبضاته وشعرت حيالها أنها غير منتظمة بالمرة!
اللهم أرِح قلبي،اللهم عليك بما في قلبي.
ثم فتحت علبة صغيرة وأخرجت منها القلادة التي أحضرها لها بلال في صغرهما...
*فلاش باك*
يا بلال كفاية علشان خاطري والله رجليا تعبت من المشي الكتير ده!
كانت هذه ندى تتحدث مع بلال الذي قال لها بأنه أحضر لهما شيئًا ستحبه،
نكزها بذراعها ثم قال كلمته المعتادة التي تحفظها عن ظهر قلب:اصبري يا ندى فإن....
أكملت عليه ندى قائلة متأففة بملل:اصبرى يا ندى فإن بعد الصبر جنة
ضحك بشدة ثم قال ممازحًا:الله عليكِ كده وإنتِ بتسمعي الكلام
تأففت مرة أخرى ثم قالت بجدية هذه المرة:بجد والله تعبت
قال لها بحب:طب غمضي عينيكِ ممكن؟
عقدت ما بين حاجبيها ثم قالت متعجبة:ليه؟!
ابتسم لها ثم قال:غمضي يلا يا ندى ماتبقيش رخمة
قالت له بابتسامة هذه المرة:حاضر غمضت أهو أهو
أخرج من جيبه قلادتين صغيرتين بنفس الحجم والشكل-على شكل قطرة ماء صغيرة وبداخل كل واحدة حرفيهما معًا-.
ثم قال لها بفرحة:فتحي عينيكِ.
نظرت له ندى ثم شهقت ووضعت يديها على فمها كعادتها ثم قالت له بدهشة:الله يا بلال حلوين أوي
جيبتهم منين؟!
فرح أكثر عندما فرحت هي ثم قال بأريحية بعدما اطمئن قلبه:كنت بتكلم مع أستاذة أسماء من فترة علشان كنت عاوز أجيبلك هدية بس تكون مميزة وحلوة
قالتلي سيب الموضوع ده عليا ولقيتها النهاردة الصبح جابتلي الاتنين دول وقالت ليا إنهم على شكل قطرة ماية علشان تليق مع معنى أسمائنا.
قالت له ندى بحب:شكرًا يا بلال على الهدية لما أكبر وتفضل معايا السلسلة دي هفرح أوي
نظر لها بحب وقال:وأنا كمان هفرح أوي يا ندى
...
عادت ندى من شرودها عندما سقطت عبرة على كفها ثم قالت بأسى:السلسلة فضلت معايا وإنت مش معايا يا بلال!
ثم كتبت مرة أخرى في دفترها.."اصبرى يا ندى فإن بعد الصبر جنة"
********************
ذهبت صفا لغرفتها فوجدت أن هاتفها يرن فأمسكت به وردت قائلة:آلو أخيرًا رنيت عليا يا سامر إنت وحشتني أوي
رد عليها صوت أنثوي:بصي يا حلوة إبعدي عنه بقا
إنتِ يعني مصدقة إنه ممكن يحبك كده؟!
هو لا يعرف شكلك و لا أي حاجة عنك
إنتِ مجرد واحدة اتسلى بيها شوية للأسف وأصلًا أنا يعتبر خطيبته وبالصدفة عرفت إنه بيكلمك بس قال إنه بيتسلى ودي مجرد غلطة وهيصلحها وهو بايعك أصلًا صدقيني!
صُعقت صفا مما سمعته الآن فهل هذه محقة في قولها؟!
قالت صفا وهي تتصنع القوة:إنتِ كدابة ممكن تخليه يكلمني!
ضحكت الأخرى بسخرية ثم قالت:خد هزقها إنت كمان تقريبًا لسه مش مستوعبة ولا مصدقة.
آتاها صوت سامر يقول:ممكن تبعدي عني يا صفا أنا بحب خطيبتي ومش عاوز مشاكل بسببك،سلام
أغلق الهاتف بوجهها بعدما سمعت ضحكات الأخرى ترن بأذنيها.
جلست تبكي بشدة وتقول في نفسها:معقول يكون ماحبينيش فعلًا؟!
ده هو كان بيجري ورايا علشان أوافق أكلمه!
أنا إزاي كنت هبلة كده!
أنا مش قادرة أستوعب اللي حصل ده يا ربي
ربنا؟!
هو كان فين ربنا وأنا بعمل كل ده؟!
وكان عاوزني أبعتله صوري؟
هه..إزاي أصلًا صدقت واحد بيكلمني من شهر بس!
أهملت دراستي وأهلي.......وربنا!!
قامت بلا تردد وذهبت للوضوء ثم فرشت مصليتها وانفجرت بالبكاء وهي تطلب السماح من ربها الذي ظلمت علاقتها به كل هذه المدة التي مضت منذ معرفتها بهذا الشاب.
يا ربي سامحني وأصلحني أصلح حالي أنا آسفة يااا رب والله اهديني ليك يا الله
كانت ترتجف وهي تصلي من فرط البكاء وتتمنى من الله أن يصلح حالها.
***************************
لا نعلم ماذا سيحدث في أيامنا القادمة،ولكننا نعلم كل العلم بأن ما سيحدث ما هو إلا الخير لكل منا ثقة في الله وقدره ليس إلا!
....
ها قد أشرقت شمس يوم جديد.
كان بلال يصلي الضحى عندما أتت والدته لتتأكد بأنه جهز كل أمتعته،فوجدت بأنه جهز كل شيء بالفعل حتى هذه القلادة الذي يعشقها.
انتهى من صلاته ثم قالت والدته بابتسامتها المعتادة الجميلة:تقبل الله يا حبيبي
ابتسم لها هو الآخر ثم قال:منا ومنكم يا رب
وجدها قد ارتدت ملابسها وتجهزت للخروج وقد ارتسمت الفرحة ببراعة على وجهها بطريقة لم يشهدها من قبل!
فقال لها بحب:شكلك فرحانة أوي يا أمي
ضحكت بشدة ثم قالت بفرحة:إحساس إنك هتقابل حد حرمك منه القدر ده من أجمل الحاجات اللي في الدنيا!
احتقن وجهه بشدة ثم قال لها بصوت قادم من أعماقه:نفسي أجرب الإحساس ده يا ماما،نفسي بجد!
شعرت إيمان بغصة كادت تشق صدرها ثم قالت له في محاولة منها للتخفيف عنه:يا بلال إنت مش عارف ربنا مخبي ليك إيه!
ابتسم لها بلال وتصنع الفرحة حتى لا يزيح فرحتها تلك:يا حبيبتي عارف
وكمان فرحان أوي إني هقابل أحبابك حاسس إنهم أحبابي أنا كمان
ضحكت وقالت عندما تذكرت طيبة أخيها ياسين:أنا متأكدة إنك هتحب ياسين أوي يا بلال
كل ما ببصلك بحس إنك شبهه في شبابه والله مش عارفة ليه!
طب والله كمان في بعض تصرفاتك بحسك هو من صغرك،مش متخيلة الشبه بجد!
بس كنت بضحك وأقول لنفسي يمكن علشان اتعلقت بيك قد ما كنت متعلقة بيه،
ربنا يحميك ويبارك فيك وأشوفك شبهه وزيه في المستقبل
ابتسم لها بلال وقال بحب:ربنا ما يحرمني منك
**************************
كان بيت آل حجازي يضج بالفرحة للمرة الأولى بعد سنوات كثيرة مرت عليه بالحزن والألم!
...
كان ياسين وسمية فرحين بزيارة إيمان ومحمد لهما
وعلى وجه الخصوص ياسين الذي كان يتخيل ملامح أخته التي لم ينسها أبدًا طيل هذه السنوات التي مرت على فراقهما!
قال ياسين لسمية وقد غمرت الفرحة وجهه:أنا فرحان يا سمية بجد،أنا مافرحتش كده من زمان.
حاسس إن الفرحة هتيجي ومش هتسيبنا تاني يا سمية.
كانت سمية ستتحدث ولكنهما سمعا صوت ضحكات تأتي من الخارج!
ضحكات متتالية لا تتوقف أبدًا!
نظرا لمصدر هذه الضحكات فوجدا....