أذرع الأخطبوط الإسرائيلي في العراق

9 3 0
                                    



أذرع الأخطبوط «الإسرائيلي» في الدولة العراقية

محمد الغباشي

لم تتعرض منطقة من مناطق العالم لسيل جرّار من مخططات التآمر والعمالة كما شهدته بلاد الإسلام التي كان لها من ذلك أكبر الحظ وأوفر النصيب؛ فيد الغرب المشوبة بأموال الرشاوى وأثمان الخيانة على مرّ التاريخ الإسلامي لم تزل تمتد إلى جيوب العملاء والخونة بما تجود به ثمنًا رخيصًا لدماء ونفوس الملايين من البشر الذين مورست فيهم أبشع أساليب الالتفاف والنفاق على أيدي حثالة ممن يتحدثون باللسان العربي المسلم ويتمتعون بلون البشرة ذاته، لينظر السيد الغربي من طرف خفي إلى ما يدور في تلك البلاد من حرب عقائدية وفكرية ـ فضلاً عن تلك التي يتشابك فيها السيف والسنان ـ تدور رحاها بين أبناء البلد الواحد ممن يحملون همّه ومن لا يحملون أكثر مما تحتويه جيوبهم من أموال؛ وأرصدتهم من كنوز؛ لترتسم على وجه المستعمر المحمل ببرودة ثلج بلاده ابتسامة الظفر الصفراء التي لا تزيد وجهه إلا كلاحة، ولا عينيه إلا بريقًا زائفًا من نصر زائف.

ومن كبرى بلاد الإسلام التي شهدت حملة تآمرية تكاد تكون غير مسبوقة بلاد ما بين النهرين «العراق»، أو ما عُرف بالهلال الخصيب، فقد تنوعت العداوات المتربصة والمستهدفة لحاضنة الخلافة الإسلامية منذ الأزل؛ ونظرًا لذلك فقد تنوعت الجهات المعادية التي تقف وراء زرع مخططات العداء ما بين صهيونية وصليبية أمريكية وكردية وإيرانية شيعية، ولكل طرف من أطراف هذه المعادلة مصالحه التي يسعى في تحقيقها في تلك البؤرة من بلاد الرافدين.

ونظرًا كذلك لتنوع ألوان الطيف السياسي والعرقي والعقائدي بالعراق ما بين مسلمين سنة وشيعة، ونصارى ويهود، وعراقيين وأكراد، فلم يكن زرع الفتنة وبث الفرقة بين هذه الطوائف جميعًا بالأمر الصعب؛ حيث أقدم أصحاب النفوذ من الصهاينة والنصارى الإنجيليين المتصهينين على نشر العداوات والفتن بين أهل هذا البلد على اختلاف توجهاتهم تمهيدًا لتفتيته واحتلاله، ومن ثَمَّ القضاء على ما كان يشكله من خطر لدولة اليهود، تلك الربيبة الأمريكية في المنطقة التي يشكل أمنها هدفًا أساسًا لراعي البقر الأمريكي.

وكان أكبر الاختراقات التي قامت بها الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية في العراق تلك التي نفّذها جهاز المخابرات الصهيوني الموساد صاحب السطوة والنفوذ العاليين، والذي هو اليد الطولى والقذرة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والتي تتخذها سبيلاً تنفذ من خلاله مخططاتها وتنشر ثوابتها العقدية والأيديولوجية.

وغالبًا ما تلجأ أمريكا و«إسرائيل» إلى شراء العملاء بشكل مباشر أو غير مباشر، وتكوين مؤسسات تنزوي تحت غطاء البحث العلمي أو الدراسات الاستراتيجية أو العمل الإغاثي، في الوقت الذي تمد فيه تلك المؤسسات العميلة مالكي الدولارات الخضراء بما يتطلعون إليه من معلومات وتقارير دورية حول البلد المستهدف. وقد أثيرت في الفترة الأخيرة عدة قضايا مرتبطة بمؤسسات مشبوهة تحظى بدعم وإنفاق أمريكيين في دول إسلامية كبرى.

كي لا يستمر الهوانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن