الحراك الشعبي في الجزائر

7 3 0
                                    


   بسم الله الرحمن الرحيم :

الحراك الشعبي في الجزائر
استمر الحراك الشعبي في الجزائر في مسعاه الذي انطلق من أجله وهو التخلص من أركان النظام السابق استباقاً لإعادة بناء دولة وكيان سياسي وفق أسس ومبادئ تؤمن للعوام الحفاظ على حقوقهم وهويتهم الدينية والإجتماعية، لكن رغم اعتقال بعشؤض رموز نظام عبد العزيز بوتفليقة ووضعهم قيد الاحتجاز إلا أن تلك المحاكمات أشبه ماتكون حالة صورية هدفها التحايل على مطالب المتظاهرين وإعادة بلورة النظام السابق بهوية جديدة تحمل نفس المضامين الفرنكوفكونية التي عززتها فرنسا في الجزائر من خلال رجالاتها ونفوذها. هذه الخطوة بدأت من خلال إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في يونيو المنصرم، وتعيين عبد القادر بن صالح رئيساً بالوكالة وإستحداث سلطة قضائية عسكرية أطلق عليها اسم (المصلحة المركزية للشرطة القضائية) وإفاقة المجلس الدستوري من سباته وتحويله للاعب فاعل يبث في القرارات المهمة التي تتعلق بمصير الدولة.

وتتمتع الشرطة القضائية التي تزامن إطلاق يدها مع تزايد حدة الحراك الشعبي، بصلاحيات واسعة لا سيما فيما يتعلق بالاجهزة الأمنية، وقد أُعلن عن إنشاءها بقرار من مكتب الرئاسة وفقاً لرغبة وزارة الدفاع التي كلفت "ضابط سام" يشرف على إدارتها.

عقب محاولات تسكين مارسها الحرس القديم لإشغال الرأي العام، بدأ بصنع الخصومات بين أطياف المتظاهرين سواء من خلال الحديث عن دعوات للإنفصال من قبل الأمازييغ أو تحييد الإسلاميين وفصلهم عن المتظاهرين حتى وصل الأمر أن خرجت هتافات تندد بمشاركة بعض رموز العمل الإسلامي في الحراك الشعبي والتحريض على طرد شخصيات مثل عبد الله جاب الله وعبد الرزاق مقري من المظاهرات، ورغم ذهاب مراكز دراسات غربية مثل معهد "كارنيجي" الأمريكي بتبرير تلك الخطوة على أنها فشل للإسلاميين في المراحل السابقة وقلق الجزائريين من إعادة تكرار مرحلة العشرية السوداء إلا أن الواقع يؤكد أن استهداف الهوية الإسلامية للجزائر في هذه المرحلة هو استثمار سلبي هدفه استعداء ميراث الحركة الإصلاحية التي تزعمها علماء مثل عبد الحميد بن باديس أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر والتي كان هدفها الحفاظ على الهوية الإسلامية للمجتمع الجزائري، لذلك تجري محاولات  لاستغلال الفوضى الحالية لقتلها والنظر إليها بمنظورين أولهما يتعلق بملف "الإرهاب" المرتبط بـمرحلة " العشرية السوداء" والتي شهدت جدلاً كبيراً بشأن حقيقة الفاعلين فيها والأمر الأخر يتعلق بمهادنة بعض الأحزاب الإسلامية مثل حركة "حمس" للدولة في عهد بوتفليقة لصالح الحصول على بعض المكاسب المادية.

قبل أن ترتدي الجزائر رداء القومية عقب ثورة نوفمبر ونهوض دور جبهة التحرير الجزائرية عام 1954م، بدأت عام 1931 مشيدة جمعية العلماء المسلمين في الجزائر تؤسس لمشروع التحرير وفق منظومة قيم تحافظ على هوية الجزائر الإسلامية، وعقب التحرير واستقلال الجزائر عام 1962م، تصادمت الجمعية وعلماءها بالهوية الاشتراكية التي كان يروج لها جيش التحرير الوطني، وعوضاً عن الحفاظ على الجمعية بدأ النظام الجديد المدعوم بهوية فرنكفونية فرنسية بإضفاء مسحة شرعية دينية على نفسه خوفاً من أن يظهر بمظهر المصادم لعقيدة وهوية الجزائريين الإسلامية التي رسختها الجمعية. حاول الرئيس الأول للبلاد أحمد بن بلة وخلفه هواري بومدين الجمع بين الحداثة والتقليد، عبر التوجّه إلى الجماهير (الاشتراكية الشعبوية) والأمة الإسلامية (عبر الإسلام التقليدي).

كي لا يستمر الهوانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن