متى سيرحل هذا الحاكم؟؟!

24 2 0
                                    



هذا الحاكم لا أعتقد أنه سيرحل !!

أ.حســــان أحمد العماري:

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

سياسة الناس وإدارة شؤونهم وتنظيم علاقاتهم وتوجيه سلوكياتهم من أعظم الأعمال في حياة المجتمعات والشعوب والحضارات والأمم فقد اقتضت سنة الله في خلقه أنه لا يصلح حالهم ولا تستقيم حياتهم إلا ظل وجود الحاكم أو الأمير أو الملك أو الرئيس والزعيم فيقيم فيهم العدل ويدفع الظلم وينظم الحياة ويمنع الفوضى ويحافظ على الحقوق وينصح لأمته وشعبه ، يأمن في وجوده الخائف ويقوى الضعيف ويرتدع الظالم وتصان الأعراض وتعصم الدماء وتقام الحدود ويحفظ الدين فإذا لم يكن في حياة الشعوب والمجتمعات والدول من يتولى إدارة حياتهم تحولت إلى فوضى وصراعات واختلافات لا تنتهي ولا تقوم بعدها حياة.

لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ ... وَلَا سَرَاةٌ إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا.

ومتى ما كان هذا الحاكم قريباً من الخير ، قريباً من الحق كلما سعدت به أمته وأطاعته رعيته واجتمعت حوله القلوب ولهجت بالثناء عليه الألسن وخلد التاريخ ذكره وكتب له التوفيق والسداد وأجرى الله على يديه كل تغيير وتحول وإنجاز في حياة أمته وشعبه.

ولما كان الهدف من الحكم واضحاً ووظيفة الحاكم بينة وظاهرة وتقوى الله والخوف منه ومراقبته تملأ القلوب ظهر في حياة المسلمين حكام وأمراء وولاة ، حكموا وعدلوا ونصحوا وبينوا ما زالت مآثرهم إلى اليوم ، عدلاً ورحمةً وشفقةً بإمتهم وشعوبهم لأنهم أستشعروا هذه الأمانة وأدركوا أن السلطة تكليف وليست تشريفًا، فقد اختارهم الشعب وبايعهم بالرئاسة لكفاءتهم، وبايعهم على السمع والطاعة، وجعلهم وكلاء عنه في حماية أمور الدين وتدبير شئون الحياة، ومن حق الشعب أن يراقبهم ويحاسبهم، أو يعزلهم إذا انحرفوا فهذا أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- يأمر بالعدل يقول عندما استلم الحكم: فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم.
ولم تكن العلاقة بين الحاكم والرعية قائمة على الخيانة والتآمر وعدم الثقة ولم يكن هناك عنف أو استبداد أو ظلم أو تعدٍ على الحقوق أو تنصل من الواجبات ولا هناك تعذيب ممنهج وسجون تحت الأرض وأجهزة قمع مختلفة لترهيب الشعوب ولكن كان هناك عدل وحزم وحب وكرامة ..

فقد بين صلى الله عليه وسلم أن هذه العلاقة قائمة على الحب والتآلف والرحمة فعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتُصلّون عليهم ويُصلّون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قال قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم ؟ قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة " (رواه مسلم) .. وقد حذر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رسالة لولاته وأمرائه في جميع الأمصار وخاطب بذلك الراعي والرعية حتى لا يكون العنف والظلم والجشع والتكبر والإستعلاء هو أساس العلاقة بينهم فقال رضي الله تعالى عنه: "إني والله! ما أُرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلِّموكم دينكم وسنتكم؛ فمن فُعِلَ به شيء سوى ذلك فليرفعه إليَّ؛ فوالذي نفسي بيده إذًا لأقصنِّه منه، فوثب عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين! أوَ رأيت أن كان رجل من المسلمين على رعية فأدَّب بعض رعيته أئنك لمقتصه منه؟ قال: إي والذي نفس عمر بيده إذاً لأقصنه منه، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقص من نفسه: ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تجمِّروهم (تجمروهم: جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إِلى أَهليهم) فتفتنوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفِّروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم (جمع غَيْضة وهي الشجر المُلْتَفّ لأَنهم إِذا نزَلُوها تفرّقوا فيها فتمكَّن منهم العدوّ) "( أخرجه أحمد / 273، وأبو داود / 3933)

كي لا يستمر الهوانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن