لا يكفي جهاد الأمة بدون إصلاح

21 3 1
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

ومحِّصِي الدرس من تاريخنا تَجِدِي --- العــــزُّ ما كان إلا كان إيمـــانُ

* كم نفرح بأن تنطلق الأمة للجهاد وأن تستعد وأن تُعدَّ له, وكم نفرح بالدعوات المنضبطة المنادية للأمة إلى ذلك, فالجهاد ذروة سنام الإسلام وأحد أسس حياة الأمة وإحيائها وتمكينها على أعدائها. وهذه الدعوات بلا شك مما تحتاجه الأمة أشد الاحتياج.

ولكن كما تعلمنا من سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح فإن أهم عامل لتحقيق نصر الأمة عند انطلاقتها للجهاد هو نصرها لله لينصرها ويُعِزُّها, قال تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم} الآية (محمد:7), وقال جل وعلا: {وإن تصبــروا وتتقـــوا لا يضركم كيدهم شيئا} (آل عمران:120) . وحال أمتنا الآن-مع إقرارنا بالخير الكبير فيها- لا يتفق مع سنة تحقيق النصر والتمكين خاصة مع كيد وتضليل المفسدين, وفيه بُعد عن الدرجة التي تؤهلنا لحصول وعد الله الذي وعدنا به.

* ومن يحتاج التصحيح ليس فقط المجاهدون الأبطال في الثغور بل الأمة في عمومها, والنصر الذي نقصده ليس النصر في ثغر واحد أو منطقة واحدة, بل المقصود النصر الذي يعيد لكل الأمة عزها وتمكينها واستعادتها هيبتها وقوتها وقدرتها المباشرة على حماية أبنائها المضطهدين في أي مكان وتأديب المعتدين وردعهم من التطاول على الإسلام والمسلمين, والذي يخلصها من الهيمنة والتبعية لأعداء الدين والخوف منهم وعدم القدرة على مواجهتهم ومواجهة مكرهم. ومعاصي الأمة حتى في غير الثغور هي مما يؤخر نصر أمتنا في جهادها وفي مكافحتها لأعدائها, سواءً بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر. وإدراك هذا مهم جداً حتى لا نُحمِّل المجاهدين الصامدين والشعوب التي ضحت وحدهم فقط مسؤولية تأخير النصر عليهم.

قال العلامة ابن باز رحمه الله في رسالة "أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم" : (فالواجب على أهل الإيمان في جهادهم وفي سائر شؤونهم ان يأخذوا بأسباب النصر ويستمسكوا بها في كل مكان, في المسجد وفي البيت وفي الطريق وفي لقاء الأعداء وفي جميع الأحوال, فعلى المؤمنين أن يلتزموا بأمر الله, وأن ينصحوا لله ولعباده, وأن يحذروا المعاصي التي هي من أسباب الخذلان).

وكتب الأستاذ منير سعيد في كتابٍ له عن الانتفاضة الفلسطينية: (إذا كانت الانتفاضة المباركة تمثل أمل الأمة في التحرير والنصر فإنهـــــا لا يمكن أن تُوصِل إلى النصر إلا إذا تضافرت معها جهود الأمة كاملة, ولكــــــن أمة الإسلام اليوم تعيش واقعا بعيداً كل البعد عن مقومات النصر وأسبابه مما يتطلب منها أن تعيد النظر في هذا الواقع بما يكفل لها تحقيق الشرط الرباني في تحقيق النصر).

* إننا نحتاج جداً عند دعوتنا الأمة للجهاد أن نبين لها بوضوح سبيل تحقيق النصر فيه, وأن نُعَــــــدَّ له بأهم عدة وهي العدة الإيمانية, وبإبعاد مجتمعاتنا عن ما لا يرضاه الله ويؤخر النصر, وبمحاربة المنكرات وإيقافها. بــل حتى لو فرضنا حصول نصر شامل وعودة تمكين بدون تصحيح الأمة أوضاعها وعودتها إلى التطبيق الحق لشرع الله وأوامر الدين فهل يرضي الله مثل هذا الواقع؟!, وهل مثل هذا الواقع يتحقق فيه الهدف الأعلى والأهم للجهاد وهو حفظ الدين وإقامته؟ .

كي لا يستمر الهوانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن