كانت حبيبتي "الراحلة" بكل رمضان تنافسني في ختم القرآن..- تتلو أثناء غيابي عن البيت ،وحين أعود من العمل أتجسس على مصحفها ؛ فأجدها قد سبقتني أستغل بدوري ٱنشغالها في المطبخ قبل الإفطار لنتعادل مجددا في الجزء والصفحة كانت تقول لي دوما :- أريد أن نتنافس كي ندخل معا إلى الجنة!- أجيبها بعناق صامت:"لن تحلو لي جنة دونك حبيبتي"!لا تزال كلماتها ترن بأذني و إلى هذا اليوم أحتفظ بمصحفها المزين بدانتيل أحمر أقرأ منه ومن مصحفي الخاص كأنها لا تزال معي!قيل لي أن حبيبتي"لجين"قد توفيت وهي تضع مولودتنا الأولى"عايدة" !ورغم مرور سبع سنوات إلا أني أراها حاضرة معي كأنها طيف يحوم حولي يوصيني دوما بصغيرتي..!علمتني كيف أعتني بها رضيعة لم تسلم من أسلاك الأنبوب ووحشة المستشفى ؛ وفهمت من غيابها كيف أجهز لها رضاعة الحليب؛ وصولا إلى ظفر شعراتها ثم ذهابها إلى المدرسة!كانت معي طوال الوقت لم تتركني كما أوهموني ولم تنتهي قصة حبنا بنهاية موت لأن هناك فصلا محذوفا من ذاكرة هذا العالم أعوم فيه إيمانا مع زوجتي أتفقدها بدعائي فتجيبني بنجمة تغمز أو حنحنة رجل مسن ذاهب إلى المسجد فجرا هي في كل شيء أراه ويراني لكنه لا يملك منطقا ليواجه الواقع !لذلك كلما حملت مصحفها بين يدي إهتاجت نسمة من النافذة لتقلب الورقة في محاولة تغشيش كي تسبقني؛ ولأني مدرك أني كسيدنا إبراهيم أطلب من الله أن يحييها جسدا كي يطمئن قلبي ، أقرأ من مصحفها بنهم لأن هذا الشيء الوحيد الذي يجعلني أراها دون حاجة لرؤيا أو حلم!في الحقيقة يا سادة لا يموت من نحبهم لمجرد الوفاة ، الوثيقة التي تؤكد ذلك مزورة لأن الله أحياهم بقلوبنا وهنا تكمن معجزة الحب الخالدة !
أنت تقرأ
من أجمل ما قرأت
Randomأجد الكثير من القصص القصيرة التي تعجبني كثيرا لذلك اردت مشاركتكم اياها