الصياد و الاجنبي

19 1 0
                                    


يُحكى أنّ صياداً بسيطاً كان يعيش يوماً بيوم، فكان يذهب كل يوم للصيد حتى الظهيرة، وبعدها يأخذ ما اصطاده للسوق فيبيعه. 

وفي يوم من الأيام صادفه سائح أجنبي، وأعجب بما لدى الصياد من أنواع جيدة من الأسماك، بدأ بتجاذب أطراف الحديث معه، فسأله عن عمله وطبيعة حياته وكيف يقضي وقته، فشرح له الصياد ما يقوم به يومياً، من الصيد إلى بيع ما يصطاد وبعدها شراء احتياجاته واحتياجات أسرته، فقال له الأجنبي مستغرباً: "أتعني أنّك تعمل يومياً فقط منذ الصباح وحتى الظهيرة؟"، فأجابه الصياد بالإيجاب. 

فقال الأجنبي: "وكيف تقضي بقية يومك؟"، فأجاب الصياد: "مع زوجتي وأولادي، وأستلقي في بعض الوقت، إضافة إلى أنني أجلس مع بعض الأصدقاء نتجاذب أطراف الحديث، ونعزف بعض الأغاني"،

 فقال الأجنبي ساخراً: "لو كنت في بلادنا لاستثمرت وقتك بشكل أفضل يعود عليك بمردود مالي أكبر".

 فأدرك الصياد ما يرمي إليه الأجنبي، وقرر أن يجاريه، فسأله: "وكيف ذلك؟"، 

قال الأجنبي: "تستطيع أولاً أن تضاعف ساعات عملك وبالتالي ستضاعف دخلك، ومن ثمّ ستقوم بتوفير كل المبالغ الزائدة التي حصلت عليها لتشتري بعد عام أو عامين على الأكثر مركباً آخر، وهكذا حتى تمتلك أسطولاً كاملاً من المراكب وليس مركباً واحداً فقط"، 

فقال الصياد: "وحتى أمتلك هذا الأسطول، كم سأستغرق من الوقت؟"،

 فأجاب الأجنبي: "حسب خبرتي فإنّ الأمر سيحتاج ما يقرب من عشرين عاماً"،

 فقال الصياد: "وماذا بعد أن أمتلك الأسطول؟"،

 فأجاب الأجنبي: "عندها تستطيع أن تتقاعد وأن تستمتع بوقتك مع أسرتك وأبنائك أو أن تجالس أصدقاءك: تعزف وتغني معهم"، فضحك الصياد، وأدرك الأجنبي سبب ضحكه، فتوقف عن الحديث، وبدت عليه آثار الإرتباك والخجل. 


 العبرة:

 "قبل أن تبدأ مشوارك ورحلتك، تأكّد أنّك لن تصل إلى المكان الذي أنت فيه الآن، فعندها سيكون من الأفضل أن توفر على نفسك عناء وتعب الرحلة وتبقى حيث أنت راضٍ. قرر ما تريد، وإلى أين تريد أن تصل قبل أن تبدأ المسير، فذلك يوفر عليك عشرات السنين". 

من أجمل ما قرأتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن