يُحكى أنّ أعرابياً من أهل البادية حلّ ضيفاً على رجل من أهل الحضر، وكان عند الحضري دجاج كثير، وله إمرأة وإبنان وإبنتان، فقال لزوجته: اشوي لنا دجاجة وقدّميها لنتغدى بها.
فلمّا حضر الغداء، جلسوا جميعاً: الرجل وامرأته وابناه وابنتاه والأعرابي الضيف، فقدّم الرجل الدجاجة للأعرابي وطلب منه أن يقسِّمها بين جميع الجالسين، وأراد بذلك أن يسخر من الأعرابي بسذاجته، قال الأعرابي: "لا أُحسن القسمة، ولكن لو ترضون بقسمتي فسأقسم بينكم".
قالوا له: "فإنّا نرضى بقسمتك"، فأخذ الدجاجة وقطع رأسها، وأعطاه للرجل وقال: "والجناحان للإبنين"، ثمّ قطع الساقين، فقال: "والساقان للإبنتين"، ثمّ قطع الزَّمكي، وقال: "العجز للعجوز"، ثمّ قال: "الزور للزائر"، وهو ما تبقى من الدجاجة بعد أن نزع رأسها وجناحيها وساقيها، فأخذ الدجاجة بأسرها له.
أغضبت القسمة الحضري صاحب البيت، فقال لزوجته: "في اليوم التالي اشوي لنا خمس دجاجات"، وأراد بذلك أن يُحرج الأعرابي، فلمّا حضر الغداء، قال للأعرابي: "اقسم بيننا"، قال الأعرابي: "أظن أنّكم غضبتم من قسمتي أمس"، قالوا: "لم نغضب، فاقسم بيننا"، فقال الأعرابي: "شفعاً أم وتراً؟" – أي أن أقسمها عدداً فردياً أم زوجياً – قالوا: "وتراً"، قال: "نعم"،
وأراد الأعرابي أن يقسمها بحيث تصبح مجموعات تتكوّن كل منها من ثلاث مجموعات لتكون قسمة متساوية، فقال للرجل: "أنت وزوجتك لو أعطيتكما دجاجة فيصبح عددكم ثلاثة، ورمى بدجاجة لهما"، ثمّ قال: "والولدان إثنان لو أعطيتهما دجاجة سيتساويان معكما ويصبحون ثلاثة مثلكما"، ورمى الثانية، ثمّ قال: "وابنتاك اثنتان أيضاً، ولو أعطيتهما دجاجة لأصبحن مثلكما ثلاثة"، ورمى الثالثة، وبهذا فقد قسّم الموجودين بكل دهاء إلى مجموعات تتكوّن من ثلاث، ثمّ قال: "وأنا ودجاجتان نصبح مثلكم ثلاثة"، فأخذ الدجاجتين، ورآهم وهم يتحسّرون على الدجاجتين اللتين أخذهما لنفسه، فقال لهم: "لماذا تستغربون؟ ألم تعجبكم القسمة؟ والله إنّ القسمة الفردية لا تصبح صحيحة إلا بهذه الطريقة"، قالوا: فاقسمها شفعاً" – أي عدداً زوجياً - ، فأعاد الدجاجات الخمس إليه، وبدأ من جديد، ثمّ قال للرجل: "أنت والولدان ودجاجة يصبح عددكم أربعة"، ورمى إليهم دجاجة، و"العجوز – أي زوجة الرجل – وابنتاها ودجاجة يصبحن أيضاً أربعة"، ورمى إليهنّ بدجاجة، ثمّ قال: "وأنا والدجاجات الثلاث الباقية نصير مثلكم أربعة"، وضمّ إليه ثلاث دجاجات، وبهذه الطريقة قسّم الحضور إلى مجموعات تتكوّن من أربع. فما كان من الرجل إلا أن قبل بقسمة الأعرابي، وسكت بعد أن آمن بفصاحته، وخاف أن يعود عليه بقسمة جديدة تفقده حتى الدجاجة التي أخذها مع إبنيه.
العبرة:
"في كثير من الأحيان تظن أنّك قد وصلت لحل مشكلتك المثالي، ولكن تأكّد أنّك لو نظرت إليها بمنظور آخر وبشكل مختلف، فربّما كان لها أكثر من حل، وربّما كانت هذه الحلول أكثر نفعاً أو أقل خسارة".
أنت تقرأ
من أجمل ما قرأت
Randomأجد الكثير من القصص القصيرة التي تعجبني كثيرا لذلك اردت مشاركتكم اياها