الفصل الثاني عشر

8K 101 13
                                    

أسوأ اﻷشياء في هذه الحياة أن يكون لك خصم لا تعرف ملامحه. .ولا من أين تكون الضربة التالية له.. والمفزع أن تحيا داخل خوفك للأبد.. ليستفيد منك عدوك بأقل جهد.. خاصة عندما يفلح عدوك المجهول في تحويل الخوف لديك لأدمان اليأس.. وعندما ستفيق ستجد أنك قد هزمت نفسك قبل أن يهزمك.. وما زال ينتصر لأنك خائف على شيء أغلى مما مازلت تملكه..

وقف ثابتاً أمامها يسحبها من مرفقيها بقوة شبابه هاتفا فيها :"خنتيه يا وضاء والآن تحاولين تبرئة نفسك "

كانت تتمسك بأطراف قميصه حتى لا تسقط عقلها نائم هناك عند حبيبها الذي عاد من أجلها ولم تراه.. كيف هذا ؟!!..ومن قابل ؟!!.. هتفت بضياع .. يتعثر صوتها داخل جلابيب الماضي التي تخنقها بحيث لم تسأل من هذا الذي يقبض على كتفيها ؟!!..ولماذا هو حانق هكذا ؟!!..كان كل ما يهمها أين مجدي الآن ؟!!.فطرق السؤال على شفتيها الجافتين :" أين مجدي "

انتبه لإنشطار روحه الثلاثي الأبعاد تكاد تنقسم روحها من أجله هو فقط لدرجة أنستها ذاك الوحيد الذي كانت تبحث عنه.. هتافها من داخل عمق حياتها السحيقة جعله يدرك أنها جنته وناره.. كيف يعقها بهذه الطريقة يقبض على كتفيها بهذا الغضب :" أين مجدى.. "

وأدركت تبعات السؤال: "هل كان وحيد معه ؟!!"

مسد كتفيها براحتيه التي تحولت من قسوة القبضة للطف الإحتضان ثم همس بصوت كئيب لا يعلم بأي مكان سيكون لو علم أنها أذنبت بحق أهم شخص بحياته.. معلق بين مكانين وقلبين: "لا لم يكن معه.. كان ينتظر عودتكما معاً وأنتظر كثيراً.. لكن مجدي لم يعد.. أين ذهب ؟!!"

كادت تسقط بين يديه المحيطة بها فشعر بها تنهار أسفل أصابعه وهي تهتف :" وحيد لقد فقدته للأبد "

صوتها الضعيف المستجدي كان يصله بآنة واحدة تعاني الفقد.. لم يفكر مرتين ليؤكد لها بصلابة رجولية: "لم تفقديه.. ملكة وضاء "

كانت عيناها بهذه اللحظة تتوشى ببريق عبرتها المنسابة من مقلتيها التي ترى بحد من الكفاف من أسفل نظارتها الطبية تهبط الدمعة تلو الأخرى وكأنها في سباق مارثوني من فيهما تصل قبل الأخرى لتسقط على إطار نظارتها تذكرها بما قالته: "فقدت البصر بكاء عليهما.. لو كنت تعلم مكانهما خذني إليهما.. لا تتلاعب بي يا بني.. حفظك الله لأهلك "

كان صوته يتجذر أكثر في بحار الفقد:"كنت أعتقد أن أمي توفيت حتى هذا العام علمت أنها موجودة.. وأبي ضاع منذ أعوام ثمانية أنتظرته ولم يعود "

لوهلة كانت عيناها تتموج معه بشفقة أمومية حتى ذكر الثمانية أعوام فلم تصدق ما تسمعه لتوها.. عقد لسانها بصدمة ضربت أوصالها لترتخي ركبتيها فلم تعودا قدميها بقادرتين على حملها لولا تلك اليدين الحامية لها.. عادت ترتفع بفعل حمله القوي لها صامتة تقتات على ملامحه مدت راحتيها لأعلى تحيط وجهه تمسد وجنتيه وتمر على أذنيه وشعره وكأنها تفتش فيه عن ملامح وليدها الصغير الذي تركته خلفها بغير رضاها.. اقتربت بأنفها من عنقه تشم رائحته بصوت مسموع من أنفها.. تتنسم رائحة صغيرها وعينها تتوهان في ملامحه الجديدة: "هل أنت وحيد ؟!!..وحيدي "

جفن تخاصمه دموع الكبرياء[الجزء الثاني من سلسلة حد العشق]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن