" سأسافر مدة يومان للمدينة "
لم تبدل موضعها ولم يرف لها جفن.. نظر إليها بضيق فمعها لا يستطيع السيطرة على أعصابه.. دار حول الفراش ليكون أمامها فيجبرها على مواجهته.. وجدها مغمضة العينين انفجر فيها:
"هل ستظلين هكذا للأبد ؟!! ان كنتِ تظنين اني سأشعر بالذنب وأجعلك تغادرين تكونين مخطئة.. اتركي الغالي وغادري.. لم اعد أطيق هذا الصمت "
ارتجفت أهدابها من الصوت العالي ثم فتحت أهدابها مجبرة تناظره وعقلها الكسول بدأ يعمل بعد يومين غفوة عقلية كاملة وهى مفتوحة العينين فقط جسد متعب مكوم فوق الفراش.. لم يفعل فيها غير النوم حتى المطالب الحيوية قلما كان يصدر آشارات بشانها ليتحرك جسدها وكأنها دمية ورقية بلا أحتياجات..
همهمت بكلمات بسيطة :" لا أريد شيء.. "
محركة أطراف أصابعها وكأنها تقول له غادرني.. ألقي بما يريد منها لتصيخ السمع رغماً عنها :" لقد تأجل الحفل لمدة ثلاث أيام لتوفير الآمن الكافي له.. عندما أعود سنغادر معاً لحضوره "
غمغمت فيه بهدوء لا يحمل أي انفعال لا غيرة ولا حتى مجرد تزمر :"لماذا لا تأخذ معك زوجتك "
هتف صارخاً بحنق من استسلامها هذا كانت تواجهه قبلاً ولكن استكانتها هذه والموت المشبع داخل عينيها قمة في الإرهاق النفسي له:" أنا من أحدد من ستكون معي "
دفنت وجهها بالوسادة المقابلة لوجهها وكأنها لا تريد رؤيته.. استمر في التحديق فيها كنعامة دافنة رأسها في الرمال لا تريد تصديق الحقيقة أو حتى معرفتها.. ثم تنهد بقوة معلماً إياها ما وضعه من ترتيبات خاصة بها: " ستكون معك امرأة لترافقك.. ستكون هنا بعد قليل "
أجهدها عقلها نفسياً ندما صرخ بها.. ستكون من خادمات المنزل اللواتي يدن بالولاء لرحيل .. أرفضي وجودها.. ولكنها لم تخرج من سباتها النفسي.. صوته مستمراً في إلقاء تعليمات يظنها ستعمل بها: "هناك رجال يحرسون قصر الماء من كل الجهات "
دلفت كلماته لآذنيها فلم تجد حاجة لكل هذا فهي لن تغادر لو كان يخشى هذا بينما هي لا تريد سماعه حتى.. كانت تتنفس في وسادتها الجانبية في محاولة يائسة جلب النوم الذي رفض كلياً مداعبة عينيها بدون رائحته.. حتى لم يبدل ملابسه هنا.. ،و لا يبيت أيضاً وكأنها صارت كلياً خارج نطاق حياته.. كانت رائحة عطره تصلها حيث كانت لذا دست أنفها بعيداً عنه تخشى تصرف هرموناتها بجنون فتقف أمامه لتلقط من رائحته حتى لو على كفها.. وحامها كان صعب عليها فهي كمدمن لا يجد جرعته..
لابد لها من البحث في الغرفة أكثر.. ربما تجد أي قطعة من ملابسه في خزينته التي لم تبحث فيها خشيت ان تفتحها من قبل.. أو يجب عليها البحث عن بديل ربما تستخدم عطره لو كان تركه هنا.. ولكنه سيكشفها هتف عقلها بحواره الداخلي.. سيغيب يومان ستتطاير رائحة عطره فلا تخشين استهزائه..أو رشيه على قطعة تخصك واخفيها في خزينتك.. استقرت لتهرول خلف عقلها الذي أفاق على رائحته من أول وهلة دلف للغرفة..
سمعت أصوات حذاءه القوية تخطو مبتعدة.. فوقفت بسرعة متلهفة تبحث داخل الحمام فوق رف المرآة الجدارية فلم تجد عطره أو حتى أدواته الشخصية .. خرجت بلهفة تبحث في خزينته وجدت الخزينة مغلقة بمفتاح لم يكن ببابها.. نظرت لها بيأس قانط لهذه الدرجة لا يثق بها وكأنه اتهمها بجرائم مخلة بالشرف ضائقة النفس كارهة لكل شيء منذ عادت وأشباح الماضي تتحرك أمامها وخاصة جورجيا تلازمها كل لحظة.. تدعوها لتذهب معها.. تفتح لها ذراعيها تريدها أن ترتمي داخلهما في عناق لن ينتهي.. تريده وتريد الشعور بدفئها.. أسندت ظهرها للخزينة المغلقة بقلة حيلة النوم الذي يهاجرها هو سبب هذه الخيالات.. تفكر لو كان معها مال كانت جعلت تلك الخادمة تبتاع لها واحدة من عطوره بأي حجة حتى لو أدعت انها ستهديه إياها.. مدركة الآن أن وضعها أصعب من ذي قبل بكثير.. كانت ذات مهنة تدر عليها ربح يكفي مصروفها اليومي وعمها لم يقصر من ناحيتها في يوم كان يمنحها بدون إنتظار منه أن تطلب وكأنه كان يعلم أنها لن تطلب أبداً..
أنت تقرأ
جفن تخاصمه دموع الكبرياء[الجزء الثاني من سلسلة حد العشق]
Romance"وُلِدتُ بين أحضان المذلّة... فـ أنّى لي بدموع الكبرياء؟!" قدرٌ خُطّ على جبيني، وكان النصيب. نصيبٌ وجب عليّ تقبّله.... الرضا به، ورضيتُ! أبٌ لم يرغب بي يوماً؟ حسنٌ.... ربما ليس حسناً تماماً، لكنه ذنبي... ربما؟ أكان ذنبي؟.... لا لا، إنه بالتأكيد ذنبي...