الفصل الرابع: القهوةُ الساخنة

545 63 49
                                    




        الأمور جيدة، هذا مايجب أن نخبر أنفسنا به، وهذا مايجب أن نفعله، وهذا ما أفعله، لكن لو نظرت في وجهي في المرآة مجددًا أجد أن الأمور سيئة، وأنني الآن أمشي لبيتها ألبي دعوتها بعد أن رحلت سيلين محطمةً مني، واللعنة عليَّ كيف أفسد الأمور بحماسي وتهوري وجنوني، أعلم أنني أفسد الأمور لكنني أريد لفت نظر جارتي، أريد أن أعرفها، أن أرى ما بداخل رأسها، أن أعرف كل تفاصيلها الصغيرة التي لا أدري عنها، هي فقط.. غريبة هذه المرأة، هي كمد وجزرٍ لا مواعيد لها، تمد متى ما شائت و تنحسر متى ما شائت أيضًا.

نظرت للوقت وتنهدت، طرقت الباب لأسمع صوتها، لقد أخبرتني أنها قادمة.

ابتلعت ريقي، عدلت شعري، وانتظرت قليلًا لتفتح هي الباب مجددًا مرتديةً فستانًا فضاضًا قليلًا يصل لركبتيها، منقط بالأسود و لونه أبيض، وددت لو أرفعه لأرى ما تحته- استغفر الله من كل ذنبٍ عظيم!

أكره أين يأخذني تفكيري أحيانًا، أكرهه كثيرًا، وبشكل ما، أعلم أن نظراتي عادةً لا تكون مريحة لمن أمامي، ابتسمت لي هي بزيف بعض الشيء، لكن ما أثار استغرابي حين أردت السلام ونظرت لعينيها مباشرة، هي لم تجعلني أنظر لعينيها مباشرةً، فقط بادلتني وأشارت لي بالدخول.

«كنت عرفانتك رح تجي»

«هاه؟ وليش دخلك؟»

«إحساس..»

يا امرأة.. أرحمي مخي وأعصابي و كل شيء بي، بكل شيء تحبيه أرحميهم! تكرمي عليَّ ولا ترميني في بحر الجنون فأنا لا أقوى على السباحة!

كان منزلها مرتبًا، هادئًا، كانت الجدران مطليةً بلون أبيض فاتح، و المقاعد مريحة باللون الرمادي، وتضع مساند باللون الأبيض، وطاولات خشبية، ومن الواضح أنها كانت تنظف المنزل والطاولة بالأحرى، وتستقبلني الآن قطتها البيضاء لولو التي يبدو أنها لا تطيقني.

أجل مغرورة مثل صاحبها.

«بتشرب قهوة؟ وكيف؟»

«إيه بشرب.. بلا سكر، سادة»

«إي تمام مشان تصير حلوة متلي»

قالت لي بضحكة وهي تتوجه لمطبخها المطل على حديقة-جنينة صغيرة مفتوحة السقف، ومنها تتدلى أشجار الياسمين و الزيتون، أشارت لي أن أدخل لهنالك لأفعل وأجلس على كنبة هزازةٍ معلقة، وأمامي طاولة زجاجية عليها بضعة سجائر و أوراق لعب، هل هي تدخن المجنونة؟

وهمّيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن