الفصل السابع: عُرس إدريس

426 50 27
                                    




مضى على حديثي مع إيلين ورؤيتها شهرانِ، كنت أراقب إيلين، أحيانًا تحادثني وتمازحني، ولم يكن يروق للبعض ذلك من خلال نظراتهم، سألتها ذات مرة:
«كيف يا إيلين بتتحملي كلام الناس عنك؟»

ففجائتني بضحكة ونظرت لجهة الشارع وقالت بكل برودٍ:
«كلام الناس غبار على صرمايتي، بمسح صرمايتي وبمشي، ومابيهموني طالما أنا راضية بالشي يلي بعملو»

سكتُ حينها، ولم أدري ماكان سيحدث بعدها لو طال الحديث، ولم تسألني ولا مرة عن حين رأتني أراقبها وهي تستحم، وللآن أفعل-بالنهاية أنا رجل ولي شهواتي، لكن لم لن تسأل؟ ما الذي دار ببالها؟ لا أدري، لكنني مازلت للآن أصعد للسطح ويتصاعد كل شيء بي، خيالاتي تحلق في السماء مع نجومها، لقد كان ذنبًا لكنني لم أهتم، أنه لذنب حلو..

اليوم، جميع الذين يعيشون في الحارة مدعوونَّ لزفاف ابن خالتي-إدريس، كانت عائلة إدريس عائلةً متواضعة في كل شيء عدا الأعراس، كانوا يحبون أن يقيموا الولائم، يمدوا الطاولات بأصناف الطعام المختلفة، وفي جانب ما يضعون العرقّ، كانوا على علمٍ تامٍ أن والدي لن يحضر طبعًا لأنه لا يحب هذه الأجواء، هو فقط سعى بزواجهما بعد أن تحدى إدريس أمه وأبيه و عائلة العروس لأخذها، كانت القصة لأجل والدها -مدرس التاريخ- الذي لا يقبل سوى أصحاب الشهادات المرموقة، لا الرجل الذي لا يملك في جيبه سوى خبراتهِ، من سيأخذ مستقبلًا خبراتك على محمل الجد؟ هذا ماكان يقوله، ووافقته بعض الشيء.

كانت أمي و شقيقاتي و وخالاتي وبناتهن وأولادهن في البيت عندنا، أنا و أولادهن خرجنا عند إدريس، كنّا نغني له ونزفه بينما يحلق له صاحبه، وكان نظر لي إدريس و اقتربت منه.

«شو يا عريس؟ خلص نسيتنا؟»

«يا زلمة.. خلص بقّا شو بدي ضل كل العمر مستني هاللحظة؟ ماصدقت على الله إني تجوزت! ولك كنت ميت عدباديبها! حلوة ومتعلمة وشو قلك.. شي متل الكذب يا إياس، وربي لو بالمنام مو هيك!! ولك هي لو بتعطس بتحس عطستا متل.. حمامة!!»

نظر له الحلاق بكل حدةٍ، لأنه يتحدث كثيرًا لأبدأ بالضحك، كانت فرحة إدريس توزع على كل الحيّ كله!
لأن ببساطة، إدريس كان شابًا بسيطًا، بسيطًا جدًا ككله، ملامحه تميل للملامح الأوروبية عامةً-بحكم أن جدته أجنبيةً من جهة والده، لقد كان يملك أنفًا ناعمًا، و لم يملك الحِدة العربية كما ملكتها والدته و أبيه، كان العِرق الغربي يوضح به أكثر، ومع عاداتٍ عربية واضحة، كان إدريس الشاب الذي يحبه الشخص منذ رؤيته، حتى أذيته للآخرين لم يكن يحبها لكنه يضطر حين يحتاج الأمر، وكان ينافس الجميع في عناده، لدرجة أنه هددَّ الجميع بخطف العروس لو لم يوافقوا..

وهمّيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن