14 : انفصام في الشخصية

152 12 1
                                    

إنه  مجرد وهم  ، لكنه كان واقعيا للغاية. كان بإمكانه الإحساس بالنسيم البارد على جلده كأنه حقيقة ناهيك عن الألم!
ركض ألكس بأقصى ما لديه ، لم يرد للمعاناة أن تكرر نفسها . لكن القدر لم يكن في صالحه، فأطرافه كانت ثقيلة ككيس مملوء بالرمل ، و من الصعب تحريكها ، كأنها تَصَدَّأَتَ . لكنه استمر في الهرب و لو بصعوبة، خوفا مما سيأتي في ما بعد.

"لا يمكن أن يسوء الوضع أكثر "

فور أن خرجت هذه الكلمات من فم ألكس، حتى تَصَدَّعَتِ الأرض تحت قدميه و ظهرت شقوق صغيرة خرجت منها مجسات سوداء أشبه بمجسات الحبار، و كَبَّلَتْ (قيدت) قدميه ليسقط على الأرض ثم كبلت يديه ايضا . لا مجال للمقاومة أو الحركة ، لقد انتهى أمره بالفعل .

بدأ ألكس يَتَلَّوَى بجسده مثل الدودة، محاولا النجاة لكن عواء الذئاب قد اقترب ، بل و وصلوا بالفعل .

عند وصولهم بدأت الذئاب الزمجرة في وجهه فقد كان " دخيلا اقتحم أراضيها  " ، و هكذا أحاطت به ، بينما هو مكبل يتلوى ، ثم اِنقضت عليه تمزقه بأنيابها و مخالبها. احتمل ألكس الألم قدر المستطاع محاولا الحفاظ على رباطة جأشه لكن في النهاية لم يعد يستطيع، و فتح فمه لينطلق مجموعة من تأوهات،  بينما عيونه السماوية غُطِيَّتْ بطبقة ضبابية،  و هما تدرفان الدموع ، بدى كدمية خزفية رقيقة تمزقها الكلاب .

مشهد جلده الأبيض الرقيق و هو يهشم،  حتى غطته الدماء الحمراء الفاترة بالكامل . صنع الإمتزاج بين الألوان منظرا فائقا لا يمكن للعين وصف بالكلمات ، كان المنظر يحمل الرعب و الأسى في طياته لكن حمل ايضا بعضا من الجمال الهش و الرقة ، لقد كان كافيا لتمزيق قلب أيِّنٍ كان .

في كل مرة ، في كل مرة  يظن أن الأمر انتهى و يتنفس الصعداء بصعوبة ، تُشْفَى جروحه من العدم و يعيد المشهد نفسه ، بل و أسوء من قبل ، فالأضرار  الناتجة عنه تزداد مرة بعد مرة ، كأن إحساسه للألم يتطور شيئا ، فشيئا حتى باتت لمست صغيرة تحمل من الألم ما تسببه ضربة من الحديد المَصْهُورِ .

لم يعد الكس قادرا على اصدار صوت ، فقد تمزقت احباله الصوتية من الصراخ و البكاء . فتوقف الأنين،  و ارتفع صوت التمزيق،  تمزيق الانياب لجلد الضحية. طبقة بعد طبقة ، عضلة بعد عضلة ، لتصل للعضم و تكسره، ثم تنتزع احشاءه ، و تلتهمها ببطء .
ذلك المنظر الذي من المخيف ، إلى المخيف جدا قد يحرمك من النوم لأسابيع ، المراهق المرمى على الأرض، والذئاب تبتلع أحشاء ، بعد أن شقت بمخلبها جلد بطنه لنصفين ،و قد هشمت بالفعل كل من أرجله و يديه فلم يعد في جسمه عظمة واحدة سليمة، و أحداثت ثقوبا في مجرى تنفسه بأنيابها مما سبب له صعوبة في التنفس الأكسجين النقي مما جعله يلهث للحصول على الهواء، الغريب في الأمر أنه حي ! مازال حيا حتى لو أراد الموت .

بعد مدة لم يعد لذا ألكس قوة للمقاومة ، و ارتخت تعابير وجهه ، بينما اعتاد جسمه على الألم المفجع فأصبح كأنه مخدر ، لا احساس ، و لا ردت فعل .
و هكذا اختفت الابتسامة المزهرة من على وجهه ، و تحولت عيونه المشرقة لِلَألِأَ فارغة ، جوفاء تماما.

_ألكس_
{الموت ، أريد الموت.....لما مازلت حيا }

لكنه عَلِمَ جيدا أنه لن يموت ، ليس بهذه البساطة . عند هذه النقطة انسحبت المجسات لتعود للشقوق من حيث خرجت، و انغلقت التصدعات كأن شيئا لم يكن .
أخيرا لقد تحرر ماذا سيفعل؟ الهرب ؟ المقاومة؟ أو المواجهة؟

هل خمنتم ، بالطبع هو........لم يُبْدِ أي حركة ، مهلا هذا ليس ما من المفترض أن يقوم به الشخص الطبيعي ، فَفِيمَا يفكر؟

_ألكس_
{إن هربت سَيٌمْسِكون بي ، إن قاومت سَيَزْدَادُونَ شراسة، و لا فائدة من الهجوم و أنا بهذا الضعف . ( تنهد ) لا حل أمامي سوى الانتضار حتى يغادروا }

و بالفعل بعد مدة سئمت الذئاب و غادرت، نهض ألكس بعد أن شُفِيَتْ جروحه، ثم نَفَضَ ملابسه من الغبار كأن شيئا لم يكن و حافظ على تعابيره المتجمدة ، لو رآه أحد ردة فعله فمن المستحيل أن يصدق أنه مر بكل ذلك الألم.

حدق ألكس بعيونه الزرقاء الفارغة في ثيابه الممزقة ، لقد كان شبه عار فَلم يتبقى سوى السروال القصير سيلما تقريبا دون التمزقات، أما بالنسبة لقميصه فقد تحول لخرقة بالية .

_ألكس_
{ تسك (تسك : صوت صرير الأسنان) ، كيف سؤقابل احدا بهذه الملابس . اآآخ ، لقد كنت أخطط للقفز من الجبل و التأكد إن كان ألبرت سيلتقطني  مجددا ، و إن حدث سيكون لي فرصة رؤيتهما مجددا .}

ارتفعت شفاهه ابتسامة لطيفة فور التفكير بهم ، فهم مثل عائلته . تغيرت تعابيره °180 درجة ، كأنه ليس نفس الشخص قبل قليل. هل يعاني من انفصال في الشخصية؟ أو أنه قد جُنَّ ؟ كيف لأحد ان يقفز من جرف شاهق بإرادته ؟ لابد أن عقله تضرر من كثرة الصدمات .

فجأة عاد الصوت الآلي البارد للظهور .

(تنبيه° لقد أنهى المضيف المرحلة الأولى من المستوى الأول من " مسار الجحيم " )

(تنبيه° سيتم اعادت المضيف للعالم السابق ، يتمنى لك النظام رحلة هادئة)

هل سأعود أخيرا ؟ 

نظام الخلود : "الجحيم الأبدي"     ( متوقفة مؤقة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن