اغمضت عيناها ، انها ترى شاطئ البحر وتتحسس الرمال الساخنة تحت قدميها ، تشعر بالهواء المالح يضرب وجهها فتمتلئ رئتيها انتعاشا .
تبتسم من داخلها . هذا هو علاج روحي تقوم بعمله كلما شعرت بالتوتر او انها على حافة طرق مصيرية .
ينظر اليها فرحات ، يطالع الهدوء الغريب الذي حل عليها بعد ان كانت تلعنه قبل قليل ، ينظر بتعجب على الابتسامة الخفيفة التي تكاد تظهر على شفتيها ، انها ليست من هذا العالم لقد سقطت حتما من السماء .
يتوقف امام مبنى المحكمة كان الاخرس ينتظرهم بالقرب من الباب الرئيسي عند اخر الدرجات الثلاثة التي بمدخل المبنى ، تمر ثواني حتى تشعر بجسدها الساكن وتنتبه الى ان السيارة توقفت قبل مده قصيرة من الزمن ، تفتح عيناها لترى فرحات يطالعها باهتمام وعيناه غارقتان فيها .
تعقد حاجبيها احتجاجا وتقول
هل كنت تنظر الي ، هل كنت تراقبني ؟
يبتسم فرخات ابتسامه جانبية ويقول
لما ، هل انت جميلة جدا حتى اراقبك ؟
وقح .
اجابت هي ثم اكملت قائلة .
لاتنظر الي هكذا ابدا ، لان نظراتك تجعلني اشعر بالقرف .
امسكها ميدها واعتصرها بقوة وقال
لست من نوعي المفضل لاتقلقي ، والان لننزل وضعي ابتسامة عروس متلهفة لعقد قرانها بعد نصف ساعة ستكونين زوجة فرحات اصلان
لولا اخي لكنت فضلت الموت على الارتباط بوحش مثلك
هذا الوحش ياصغيرتي سيروضك وستتبعين كلامه بالحرف الواحد هل هذا مفهوم
سخط في وجهها اقشعر بدنها سكتت لم تجبه ، نزل هو غمز بعينه للاخرس فهم الاخير ماعليه فعله ، فتح الباب لها امسكها من ذراعها واخرجها من السيارة ثم قادها الى الداخل حيث كان كل شي مرتب كما خطط فرحات له .كانت هوليا ، الخادمة الاصغر والاقرب الى الام يتار تنظف وترتب الغرفة التي في اعلى القصر تطبق الاوامر التي تلقتها من السيد فرحات بان تكون الغرفة جاهزة حالما ياتي اليوم ، غريت الشراشف بواحدة جديدة ، وضعت زهورا في الاواني الزجاجية ، رتبت ادراجه واخلت بعض منها كما طلب هو .
دخلت السيدة يتار لتتفقد مالذي تفعله هوليا .وقالت بتساؤل
مالذي يحدث هنا ، لقد قلبت الغرفة رإس على عقب ، لن تعجب فرحات ابدا ، اعيدي كل شي كما كان
اجابت هوليا وقالت
سيدة يتار ، لقد فعلت هذا باوامر من السيد فرحات بنفسه ، طلب مني ان اقوم بهذه التغيرات .
تعجبت يتار فهي ليس لديها علم ابدا وقالت
كيف يعني ، ولماذا
رفعت هوليا كتفيها كنية على انها لاتعلم اي شي سوى ماؤمرت ، وعادت لتكمل ماتبقى من عملها .
جالت يتار بعينيها الغرفة عبست محتارة ثم خرجت ، رنت مرتين على ابنها الذي لم يجبها ابدا ، فكرت بعابدين ثم اتصلت فاجاب الاخير وهو في طريق العودة الى القصر .
عابدين ، اين فرحات لقد اتصلن به اكثر من مرة ولم يجب
قال عابدين وهو يحاول ان يخبئ الامر حتى يخبرهم فرحات بنفسه .
سيإتي بعد قليل ، لن يتإخر ، انا عائد ايضا سنجتمع كلنا وسيخبركم بامر ما .
ماذا ، مالذي يخطط له هذا الولد اخبرني يابني
لااستطيع .فهذه تعليمات اخي فرحات ، اذا اخبرتكم سيغضب والان دعيني اغلق الخط اني ادخل في نفق سيتقطع الارسال .
اغلقت يتار الهاتف ، ولم تتحمل البقاء وهي لاتعرف مالذي يحصل ، ندهت على هوليا بعد ان رإتها انتهت طلبت منها كوب من الشاي بالزهور وطلبت ان تإخذه الى الحديقة الخلفية .
كانت ايديل تراقبها من بعيد ، فاتت كثعبان تحاول ان تبث سمها وقالت
لازال ابنك يخفي عنك كل شي كانك احد الغرباء
استدارت يتار والشر يتطاير من عينيها وقالت
لست بمزاج يتحمل سخافتك ياايديل ، لا تلعبي معي
لست العب ، بل اقول مااراه ، مذ متى جلستم انت وفرحات مثل اي ام وابنها تحدثتم او حتى ضحكتم سوية .
هذا شي لايعنيك ، من انت لتدخلي بشؤن عائلتي
ليست عائلتك فقط نحن هنا تحت سقف هذا البيت عائلة واحده
ههه ضحكت يتار وقالت اكثر الكلمات ايلاما لايديل
انت تعلمين لما تبقين ظمن هذه العائله لحد هذه اللحظة .
بلعت ايديل ريقها ، وقبضت على يدها بقوة استدارت يتار منتصرة عليها ولما اتت هوليا وبيدها الشاي قال لها
لن اشربه هنا ، لندخل الى الصالة في المنزل .
تبعتها هوليا الى الداخل اما ايديل المسكينه فكانت لاتزال تهضم الكلام الذي سمعته للتو .
....................