أودّ أن أسير بمحاذاة الأيام المُدهشة، أن أُعانق السحُب والمسرات، وأتوه في رحابة الرّقة.
_بواسطة مجهول .أمضيتُ اليومَ كعادتي و انتظرتُ حتى موعد مجيئ أحلام مِن العمل، وقفتُ لها عِندَ مدخل السوق و أشرتُ لها بأصبعي على الطريق الذي يجب أن تسلكه كي لا نسير بجانب بعض و يدركنا أحد أخوتِها، سارت خطواتها مُتّبِعة إشارات سبابتي حتى وصلّنا لِخارج البلدة و امتدت الحقول على مرأى ناظرينا، وقفتُ بجانب أحلام و نظرنا نحو خط الجبال الذي بدأت تختفي خلفهُ الشمس، تسللت يدي على طول قماش ذراعها حتى امسكت بيدها ذات الأصابع الطويلة و البشرة الناعِمة "ما رأيك بجولة بينَ سنابِل القمح؟"
اومأت لي برأسها كموافقة و بدأنا بالمشي بين خصل القمح التي تغطي جسدينا و لا يظهر سوّى رؤوسنا و لا يُسمع سوى تهشم القمح اليابس أسفل قدمينا
"المنظر رائع هُنا، يُنسيك اسمك" قالت ناظِرة نحو خط الأفق المُتدرج من الأحمر القاتم مروراً بالبرتقالي حتى الأصفر الممتزج بلون السماء الصافية، علقت عيناي على لمعان بشرتها السمراء و كثافة رموشها السوداء تدحرجت عيناي على تفاصيل وجهها الصغيرة و التي لا تدل على عُمرها الحقيقي، كيفَ يُمكن لفراشة التنكر على هيئة فتاة مُبهرةٍ بجمالِها أعيُن الأنس، أدارت وجهها نحوي لتتشكل ابتسامة على محياي و أداعب أصابعها بخاصتي
"سعيدة؟"
"سعيدة لأنني معَك"
ازدادت نبضاتُ قلبي و اهتزَ صدري أسفلَ قُماشَ كنزتي لأشعُر بالفراشات اِحتلّت معدتي متجولةً بها و مُتخبطة على جُدرانِها، كُل الذي أشعُر به تُرجِمَ على هيئة ابتسامة ظهرت بها أضراسي.بينما هو لا زالَ مأخوذاً بها سبقتهُ هي مُجتازة المزيد من السنابِل المصفرّة تبعتها قدميه و طارَ طرف شالها ليُمسِك به و يسقط تدريجياً كاشِفاً شعرها الكستنائي
تموَّجَ بفعل الرياح الريدانة، التفتت إليه لتُقابِل عينيه الخضراوتين "ما رأيك بسباق؟" ظهرت شقاوتها بتلكَ الابتسامة اللعوبة لترتفع شفته العلوية للجانب بتحدٍ "لما لا" "عند واحد، إثنان، ثلاثة" انطلقا بسرعة مع الرياح ليزهر صدره بفعل قهقهتها "إلى أين نركُض!؟"
"إلى اللانهاية!" صاحَ صوتيهما مع تغاريد العصافير على أغصان الأشجار حتى سقطَ جسدها فوقَ السنابِل مُحدِثاً فراغ واضح بسبب تكسُر أعوادِه
هرولَ إليها ليرمي بجسده جانبها "كانَ ذلِكَ جنونياً" راقبَ صدرها الذي يعلو و يهبط مُبتسِماً لينتقل بعيناه لمقلتيها "إنهُ كذلك" اقتربت بجذعِها نحوه لترفع كف يدِها ضدَ وجنته الزغبية "ما هو شعورك الآن؟" شعرَ بحرارة وجنتيه تتصاعد لينظر لحضنِه مُبتسِماً من ثم يعاود النظر لعينيها "أشعُر بالنشوة" فاجئها الرد لتضحك ضامِرة وجهها بكتفِه و يبادلها هو بدورِه "ههههه مالذي يُضحكك؟"
"لا أعلم" تلألأت عيناها بفعل دموع البهجة ليلف ذراعه حولَ عنقها شادّاً إياها لصدرِه بينما رفعت نظرها إليه "محمد، ما فكرتك عن الحُب؟""فكرتي عن الحُب.. هي أن يكون هُنالِكَ شخصان في هذهِ الحياة يجمعهُما القدر بقصصٍ مُتشابهة فيظن أحدهُما أن روحهُ تعيش في جسدين و ليسَ واحد من ثمَّ يترُكان العالم جانباً ليداويا جروحَ بعضهما البعض"
"محمد" جذبت وجهه من وجنته نحوها لينظر لعينيها مُتسائِلاً "أرى فيك رجُلاً بعمر العشرين، يا تُرى ستبهرني أكثر إيُّها الصغير؟" ضحكة خفيفة خرجت من بين شفتيه ليطيل النظر في بؤبؤيها اللذان يتراقصان على أغنية كلاسيكية قديمة "انا اتسائل هل سيبهرني جمالك أكثر؟ أخشى اِرتكاب ذنبَ العشق في سنٍ صغيرة" لبست وجنتيها فستاناً أحمر اللون لامِعاً ببريقه أسفلَ أضواء الغروب الخافِتة التي بدورها جعلت هاذان الصغيران تحتَ تأثير مشاعر الانجذاب "إذا قلت لك بما أفكر ستعتقدين أنني صبي سيء؟"
"صارحني فربما أكون أكثر سوءاً منك"
عضَّ على طرف شفته بينما ينظر لامتلاء شفتيها الكرزيتان "أُفكر في تقبيلك"
"من أين؟"
"من هُنا" وضعَ أبهامه على شفتيها لتبتسم ضده
"لكن هذا سيء و سنحصل على ذنوب"
"أعلم" أنزلَ رأسهُ بخجل من نفسه
"اعتذر على قلة تهذيبي"
"يُمكِنُك تقبيل وجنتي" رفعَ وجهه لتقابله بابتسامة لطيفة طُبِعت تفاصيلها في ذاكِرَتِه.
أمسكت يده مُطمئنة إياه ليشد على جلدها مُقترِباً بشفتيه بتردد حتى أحسَ بزغبية وجنتها تُلامس طراوة شفتيه، ضغطَ عليها بروّية لتذبل عيناه مُغمضاً جفنيه و أطرافه قد تخدرت.. لقد نسيَّ حتى بشاعة ذلِكَ الشعور و قد اُستُبدِلَ بمشاعر و أحاسيس مُرهفة طارت بهِ إلى الغيوم مُداعِباً أنفهُ نسيمَ البحر المُتغلغل في مسام بشرتها الشرقية."حانَ دوري" فتحَ جفنيه ببطء مُبتسِماً كالسُكارى ليهتز صدرها بضحكة مكتومة، مدَّ لها وجنته لتقترب مُمسكة بخديه مُقربةً إياه حتى التحمت أنفاسَهُما "العمر طويل و لا زلنا صِغاراً" شعرَ بطراوة شفتيها على جانب خاصته لترتسم ابتسامة صغيرة على ثغرِه، ابتعدت عنه ببطء لينظر لها بلا ملامح و ترك عيناه تخبرها بكل ما يشعر و لأول مرة شعرت بأحد يؤثر عليها هكذا، عيناهُ كبحرٍ هائِج بمشاعرٍ مُتضارِبة رأت فيها برائِة طفل و جرأة رجُل و أحسَت أنهُ ينظر لِأعماقها و تجردت أمامُه من جميع الحواجز التي تحجز نفسها بها "كُفَ عن ذلِك أكاد أفقد عقلي من النظر للزمرد المُختبِئ في عيناك"
"أريد أن أسكَر من عينيكِ إيتها الفاتِنة السمراء"
"لِسانك المعسول من أينَ جلبته إيها الصغير؟" قذفت لهُ ابتسامة ظريفة مُبعثرة خصل شعره الريشية
"لأنَ عقلي يكبُر عن جسدي بعشرات السنين و لأن وعيي أدركَ أننا نعيش في عالم مبني على سلامٍ مُهترِئ بسنٍ مُبكِر"
"كلماتك حقاً تُنير صدري"
"و لكن ليسَ بقدر ما يُنير وجهِك حياتي"ارتمت في حضنِه الصغير دونَ شعور منها ليحكم ذراعيه حولَ خصرها بثقلٍ مُريح "لا أعتقد أننا سنحصُل على الذنوب صحيح؟"
"إن كانَ الحضن هو ذنب فأنا سأستغفِر مِئات المرات"
"إذاً بذلك ستبقينَ بحضني همم؟" غمزت له ليضحك ضحكة شقية غارِزاً وجهه بينَ خصل شعرها
"قلتُ لكَ أنني أسوء منك"
"لِذا نحنُ نُكمِل بعضَنا"
أنت تقرأ
لا تُخبِر أحداً
Historia Cortaإذا أردتَ تدمير حياةَ عاشِق فاسرِق منهُ حبيبته، و إذا أردتَ تحطيمَ أُم فاسلُب مِنها طِفلُها، و إذا أردتَ دهسَ قلبَ طفلٍ أسلُب مِنهُ براءتُه بما استطعتَ مِن وحشيّة. مُقتبسة عن حادثة حقيقية وقعت في تاريخ ١/٧/٢٠٢٠ تمَ تعديل بعض الأحداث لِتتناسب مع مُجر...