العالم أصبح غابة تَحكمُها الذِئاب، لا مكان للحملانِ بينهم.
"اِبتعد أرجوك، لم أعُد استطيع لم أعُد استطيع!!" فتحتُ عيناي بهلع ليستقبلني وجه والدتي الخائف، تمتمت ببعض البسملات من ثم ربتت على ظهري بحنان مناولةً إياي كأساً من المياه الباردة.
لم أُدرك مدى عطشي إلا بعد أن شعرت بقطرات المياه تُنعش صدري، أصابتني قشعريرة بسبب تعرق جسدي جاعلةً مني أتكور في حضن والدتي"إنهُ ذات الكابوس يا أُماه، لم أعُد احتمل" شعرتُ بالوهن و شددتُ على ياقتها كغريقٍ يمسك بحفة قارب يطفو باضطراب فوق سطح بحرٍ هائج يُنذر ضحاياه بِاقتراب قروشه الفتاكة. "اهدئ يا بُني، سيكون كُلُ شيءٍ على ما يُرام"
التففتُ على نفسي كوضعيتي عندما كنتُ جنيناً في رحمِها حينما كنتُ أشعر بالأمان و الراحة، لم اَقتنع بكلامها، قلبي لا زال يرتجف بين أضلُعي، جسدي لا زال يُؤلِمُني، أحبالي الصوتية لا زالت رقيقة مُتشققة، أسناني تصطَّك ببعضها، لم أُشفى بعد و لا أعلم متى سأفعل.
الكرة الأرضية أصبحت كتلة من القذارة و الدَناءة، الجميع يريد معرفة ما تعرضتُ إليه، يريدون القصة كاملةً و أنا أضعف من أن أرويّها، لن يشعر أحد في هذه المدينة أو بالأحرى في العالم أجمع بما شعرتُ به في هذه الثلاث سنوات الماضية لقد فقد كل شيء بريقه في عيناي، تحولت الألوان إلى الأبيض و الأسود و خيَّم الليلُ على النهار للأبد.
كيف سأحكي قصتي بهذه الحنجرة المُتخرشة و الجسد المتهالك، بهذه العينان الناعسة و الوجه المتورم، هل سيُصغي أحدٌ إلي؟ أم سيُربت على كتفي و حسب من ثم يمضي مُحذراً أولاده أو أخوته او حتى أصدقائه من الإقتراب مني أو اللعب خارجاً وحدهم كي لا يتعرضوا لما تعرضتُ له.
لو كنتُ أعلم أن أحداً ما سيهتم و يقطع لي وعداً بحمايتي ل بحتُ لهُ بكلِ شيء، كل ما شعرتُ بهِ طوال هذه الثلاث سنوات، كل ما سمعته و ما فعلته و ما فُّعِلَ بي، كل ما سَلبَ مني براءة روحي و جسدي.. و لكن، لم يفعل أحدٌ قط.
أنت تقرأ
لا تُخبِر أحداً
Short Storyإذا أردتَ تدمير حياةَ عاشِق فاسرِق منهُ حبيبته، و إذا أردتَ تحطيمَ أُم فاسلُب مِنها طِفلُها، و إذا أردتَ دهسَ قلبَ طفلٍ أسلُب مِنهُ براءتُه بما استطعتَ مِن وحشيّة. مُقتبسة عن حادثة حقيقية وقعت في تاريخ ١/٧/٢٠٢٠ تمَ تعديل بعض الأحداث لِتتناسب مع مُجر...