ليلة أخرى تضرب العاصفة المنطقة، الأمطار تنهمر منذ أيام، الصواعق كانت ذات وقعٍ مُتزامن مع تلك المعزوفة التي كانت تصدح في حُلمِ أحدهم .
شقة صغيرة ذات جدران ذهبية اللون و رجل في الثلاثينات من عمره يُعنّف شخصًا أصغر منه بسنوات قليلة بهدف تهذيبه و جعله يتعامل بشكل أكثر لباقة.
كان يتوسّل إليه ويرجوه أن يتوقف، لكنه يُمسك بكلتا يديه ويضعها على لهب الموقِد حتى يُصبح غير قادرٍ على المُقاومة ثم يتركه وشأنه بعد أن يهمس له " كلما كنت أكثر إنصياعًا، كلما نجوت بشكل أسرع، لن يفيدك توسّلك، هذا العالم قاسٍ ولا يرحم "
يلجأ الشخص إلى الصمت أكثر فأكثر، ينعزل في ظلمته، فتوقظه أوجاع جسده سببها تمزيق الرجل لجلده وتكسير عظامه.
كانت الأمطار التي تنهمر بغزارة على نافذته والرياح القوية التي تعصف خارجًا، تُنقذه من بؤسه، لكنه كعادته عنيدًا بشأن البقاء على حاله، و عناده هذا يتسبب في تمديد عذاباته، يحتاج إلى أكثر من عاصفة رعدية تطرُق نافذته.
إمتد الكابوس المُريع إلى حد أذية جسده، و إن لم يستيقظ قريبًا ستحدث معاناة طويلة الأمد له، لكنه بقي، رافضًا الإنسياق للخروج منه، لذلك كان على عقله إصدار صوت ما من حنجرته أجبره على النهوض.
كان يُحدق في الفراغ، صامتًا، مذهولًا، لوهلة لم يعرف أين هو، مُجبرًا نفسه على التمسك بالكابوس الذي أستيقظ منه.. لم يستطع تذكر أي شيء على الإطلاق، عدا أن الرجل كان صديقه الوحيد الذي سمح لنفسه بالإستسلام الكامل له، شعر أن شفتيه مغلقتين بخيوط حادة، رغم أنه منذ إستيقاظه لم يتحدث إلا أنه شعر برغبة في الصمت أكثر و أكثر، شعر برعب شديد غير مُفسّر، لم يجرؤ على الحركة حتى!
.
.
.
خرج من منزله مُمسكًا بمظلته السوداء، يجب عليه إنتظار الحافلة بعد خمسة عشر دقيقة في زاوية الشارع،وحتى يذهب إلى هناك يلزمه ثلاثة عشر دقيقة للوصول، كان جسده متألمًا، وهو بالكاد يخطو بضع خطوات دون أن يشعر بتحطم جسده، لا يعرف سبب هذا الألم الشديد، وبما أنه سيختفي بعد إستيقاظه بساعات،رغب في الذهاب إلى العمل.
وقفت سيارة كاديلادك بقربه، تنهد إحتجاجًا لمجيء أحد أقرب أصدقاءه – كما يصف نفسه - سيطرت عليه قوى غريبة آتية من أعماقه جعلته يستسلم و يصعد السيارة، رغم أنه عادة ما يرفض ويستلزم الأمر صبرًا و إقناعًا كبيرًا .
" أوه! ها أنت ذا "
" هممم"
" كنت قد جهزت الكثير من الإغراءات لك لتأتي معي إلى العمل " مُعبّرًا عن سعادته ضم كلتا يديه و قربها من صدره و أضاف " لا أصدق أنك أخيرًا صعدت إلى سيارتي، ما رأيك بها؟ هل المقعد مُريح ؟ هل رائحتها جيدة ؟"
أنت تقرأ
العاصفة .
Mystery / Thriller{مُتأخرّة في الكتِابة جدًا، إنما أبذلُ جُهدي..} الجليد يُخفي نار براكين لا تُرى إلا في بدايتها. مُجرد قصة مكبوتة بداخلي منذ سنوات، والآن أُخرجها للنور. إستمتعوا..