قبل ما ترموا حاجة

13 5 0
                                    

أول امبارح كنا خارجين وولادي حبوا يشتروا حاجة حلوة من السوبر ماركت، فحبيت أحسسهم إنهم كبروا وانهم المفروض يبدأوا يعتمدوا على نفسهم .. قولتلهم انزلوا هاتوا لوحدكم وحاسبوا كده ووروني شطارتكم .. فرحوا جدًا وطول ما هم نازلين عمالين يقولوا هيه احنا كبرنا وبقينا رجالة وهننزل نشتري لوحدنا .. وقفتلهم على باب المحل .. يعني يادوب هينزلوا من العربية، يطلعوا عتبة المحل .. جابوا اللي عايزينه وحاسبوا وراجعين فرحانين .. دخل محمد العربية وفجأة لقيت أحمد الصغير بيصرخ .. نطيت من مكاني ونزلت لفيتله جري لقيته رجله مجروحة جرح كبير وعميق وبتشلب دم .. شيلته ودخلته وخليت مامته ضغطت على الجرح بمجموعة مناديل وبصيت في المكان اللي اتجرح فيه لقيت كعب كوباية مكسور وواقف تحت العتبة مباشرةً وكأنها كمين معمول مخصوص علشان تصطاد رجل أي حد نازل من المحل .. شلتها ورميتها في صفيحة القمامة اللي جنب المحل مباشرةً علشان ماتعورش حد تاني .. وركبت العربية وطلعت جري على المستشفى .. وطول الطريق ابني عمال يعيط ويقول: ليه كده يا بابا؟! قولِّي ليه كده؟! .. وأنا فاكره كطفل معترض علي قضاء الله وكده فعمال أقوله معلش يا حبيب بابا ده نصيب وقول الحمد لله .. وهو يقول الحمد لله يا ربنا .. بس قولي ليه كده؟! .. قولتله طيب انت تقصد ايه بليه كده يا حبيبي؟ .. قالي ليه حد يإذي الناس ويرمي الإزازة دي ويعورني كده؟! ..
كنت عايز أرد وأقوله: "علشان البشر أغلبهم مؤذيين يا حبيبي وإنك ياما هتشوف وياما هتتإذي سواء بدون قصد وبسبب الجهل والإهمال والإستهتار بأرواح الناس وآلامهم أو أوقات كمان بقصد وبدم بارد .. بس قولت الولد لسة صغير وهو كده كده هيعرف لوحده بقية حياته وبلاش أستعجل في اظهار حقيقة مخزية زي دي قصاد عينيه البريئة اللي لسة ماشافتش شر .. قولتله معلش يا حبيبي ده انسان غبي وجاهل .. قول حسبي الله ونعم الوكيل وربنا هياخدلك حقك منه .. قال ورايا .. وفضلت أنا ومراتي طول الطريق لحد المستشفى نقول حسبي الله ونعم الوكيل .. طبعًا ربنا ستر وكان فضله كبير علينا لأن الجرح كان مكانه خطر جدًا وكان بيمر فوق شريان وعصب رئيسيين في الساق وكان فرق ملليمترات قليلة وكنا هنكون في كارثة حقيقية هيعاني منها ابننا طول عمره .. لكن ستر ربنا دايمًا أقرب ..

حمدنا ربنا وأحمد رجله اتخيطت وسط صراخ وعويل وعدم ادراك منه لسبب الأذى اللي اتعرضله بدون ذنب منه .. ووسط دموع مامته اللي مش هاين عليها تشوف وتسمع وتحس بألم ضناها .. ووسط المفارقة بين احساسي وقلبي بيتقطع جوايا ومن برة ملامحي جامدة كأني غير مهتم ولا مبالي علشان أثبتلهم إن الموضوع هايف وأطمنهم وأنا محتاج أصلًا اللي يطمني برغم

رجاءً قبل ما ترموا أي حاجة في الشارع، فكروا الحاجة دي ممكن تإذي ازاي واللي هيتإذي ده هيكون شخص كبير ولا طفل وايه المعاناة اللي الشخص ده هيعانيها وحطوا نفسكم وأطفالكم وأهاليكم مكان اللي هيحصله كده وشوفوا وضعكم هيبقى ايه وقتها ويا ترى هتتحملوا ده ولا لأ .. أرجوكم بلاش استهتار بأرواح الناس وآلامهم .. كفاية جهل وإهمال بقى..

قصص...وعبرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن