مرت ثلاثة شهور على توظيفي في مركز التجميل، وقد كنت أبيت به كل يوم، وبالنسبة للمال الذي حصلت عليه من عملي، كنت أصرف منه للضرورة، وأجمع الباقي ليصبح لدي مبلغ كبير من أجل الثانوية، بقيت هكذا إلى أن إبتدأ العام الدراسي، تسجلت ولكن بثانوية جديدة لأني لا أريد لأحد أن يعرفني، وداومت بشكل عادي وكأن شيء لم يكن، إتفقت مع صاحبة مركز التجميل أن أعمل بعد إنتهاء دوام الثانوية ووافقت، لقد كان كل شيء يسير على ما يرام، كنت أحمد الله ألف مرة لأنه يعطيني أكثر مما أستحق...
كنت أداوم ولكن أتجنب أن يكون لدي أصدقاء مقربين، لأني لا أريد لأحد أن يعلم ما أمرُّ به، فلا أحتمل نظرات الشفقة أو السخرية، لقد كنت أدرس بجد وأحصل على علامات مرتفعة، لذلك كان بعض الطالبات يمقتنني، والبعض يحسدني، والبعض يحبني ويسألني كيف يصبح مثلي، تناقضات في الطلاب لم أكن أعطيها أي اهتمام، كنت دائماً أجلس بالمقعد الأخير لوحدي، وإن سألني أحد لماذا، أجيب بصراحة أن هذا ما أحبه، ولم يكن أحد يتوقع تفوقي نظراً للمقعد الذي اخترته وأيضاً لعدم مشاركتي بالصف أبداً، بقيت هكذا حتى أُطلق عليَّ لقب الفتاة الغامضة، وبدأ الجميع ينشر عني الإشاعات، فكنت أسمعها وأضحك بداخلي لتفاهاتهم، وطبعاً الإشاعات لم تكن تصدر إلا من الفتيات، أما الشبان في الثانوية قد حاول العديد منهم التقرب مني، لكنهم لاقوا صدّاً كبيراً مني، وسمعت أن هناك من أصبح يتراهن ليوقع بي، سمعت وسمعت وسمعت حتى ظننت أني سأصبح صمّاء، لكن كالعادة ردي دائماً يكون الصمت، كنت أرفض أن أنزل في فترة الراحة من الصف، فكنت أقضيها لوحدي في الصف أذاكر وأحفظ ما أخذته في الساعات الأولى، وحتى في ساعات الفراغ كنت أجلس لوحدي في ذلك المقعد الخشبي أذاكر، وكانوا يأتون فتيات يدعوني للجلوس معهم فكنت أعتذر وأرفض بلطف، حتى وصلت لمرحلة سئم مني بعض الأساتذة فكانوا يمنعوني من المذاكرة في الصف وطلبوا مني مشاركة الطلاب، لكني كنت أرفض المشاركة، فأوظب كتبي، وأتأمل السقف...
وفي مرة من المرات صدفت أن أربعة من الأساتذة قد تغيبوا، ولكم أن تتخيلوا أربع ساعات الفراغ كيف قضيتها، ذهبت بداية طالبة الأذن من المديرة لتصرفني لكنها رفضت، فعدت للصف وأنا أفكر ماذا سأفعل، وكان يستحيل أن أذاكر من شدة الصخب الذي حصل بالصف وذلك بسبب عدم وجود أستاذ معنا بالصف، فجلست في مقعدي وشردت في السقف، لكنني فجأة لاحظت أن الهدوء قد عمَّ المكان، فنظرت حولي ووجدت الجميع يحدق بي، فابتسمت ابتسامة متكلفة وسألت.
-هل هناك شيء؟
-كلا.أجابتني فتاة تتحدث بغنج، فرمقتها بنظرات إزدراء، ليحمر وجهها من الغضب، نعم تستحق فأنا أعلم أنها بغنجها تحاول لفت الأنظار إليها، ثم فوجئت بشاب يقترب مني، فنظرت له ببرود، ثم عاودت النظر للسقف، فشعر بالإهانة، حاول لفت إنتباهي لكنني لم أحرك نظري عن الحائط، وكان جميع من في الصف يترقب ما الذي سيحصل، فهذا الشاب هو نجم الصف كما يسمونه، الأوسم والأجرأ والأقوى، لا أحد يحزنه أو يرفض له طلب، فعند تجاهلي له، شعرت به يجلس بجانبي حتى التصق بي، فابتعدت عنه، فعاود يقترب، فسألته دون أن ألتفت له بنبرة يملؤها الجفاء.
أنت تقرأ
أنت لا تستحقني
Romanceفتاة بعمر المراهقة لم تتجاوز بعد الثلاثة عشر عاما لا تفهم لقصص الحب والخداع على الإنترنت لأن أهلها لم يكونوا يعون على فكرة تحذير بناتهم من تلك الأخطار تعرفت على شاب مختلف عنها تماما من جنسيته إلى دينه إلى نسبه ومن كل ناحية لكنها عشقته حد الجنون... ...