نادلي الجميل1

5.8K 153 62
                                    

تُشرق أشعة الشمس المنعشة كل يوم لتدخل عبر زجاج نافذة ذلك الفتى الذي جعلت منه الوحدة شخصا ضعيف الشخصية و بسيط الطباع، يعيش حياة هادئة بعيدا عن حمل مسؤوليات الغير و قد عمل كنادل ليطعم نفسه، عرف ذلك الفتى باسم وويونق و قد كبر بعيدا عن عائلته من ما جعل منه شخصا صامتا عن نفسه، سامحا للغير أن ينتهكو حقه فلقد ضاع عن عائلته و هو بالخامسة من عمره و التقطه رجل كان يجبر الصغار على العمل كمتسولين ليجنون له المال و مرت السنين حتى أصبح وويونق بالتاسعة من عمره و قد استطاع الفرار من ذلك الرجل الذي كان يعذبه و يجبره على ذُل نفسه لكن ليلة ذلك اليوم كانت باردة و ممطرة و لم يكن وويونق يرتدي سوى سروالا قصيرا و قميص خفيف و ممزق فبُل جسده و أخذ ينتفض بردا و هو يمشي متجها إلى اللا مكان لكن و لحسن حظه كان هناك من يسير في الشارع أيضا، رجل عجوز جدا قد انحنى ضهره لتصبح العكاز قدمه الثالة، كان يحمل مظلة و يمشي و هو بالكاد يرى طريقه للعودة فرآه وويونق ليتجه نحوه بصمت و قد اقترب منه ليشاركه مظلته فشعر ذلك الرجل العجوز و الذي كان يدعى جونهو بهذا الطفل الجائع و الخائف و أشفق عليه و لم يتردد بأخذه هو و جسده النحيل معه إلى منزله

قام جونهو بعد ذلك بتربية وويونق و قد جعله يقيم معه في منزله فعاش وويونق لسنين مع جونهو الذي كان يمتلك مطعما و قد جعل وويونق يعمل به ليساعده فقط و لم ينوي استغلاله فمرت عشر سنين ليصبح وويونق في التاسعة عشر من عمره و قد كان كأي شاب يجيد القرائة و الكتابة فلقد علمه جونهو و قد كان يجلب له كتبا و قصصا مصورة ليقرأها و أحبه كابن له فجونهو لم يحضى بالاطفال رغم محبته لهم و عندما وجد وويونق شعر كأن شيئا اكتمل في عالمه و أراد منح هذا الفتى كل الحب و كل ما يستطيع منحه له لكن جونهو كان قد بلغ من العمر الكثير فلقد استيقظ وويونق ذات صباحٍ بسعادة و أسرع ليوقظه حتى يخرجان إلى العمل معا لكنه كان قد لمس جسدا باردا و ثقيل بشدة، صرخ وويونق و هز جونهو لكن جونهو كان قد فارق الحياة و قد تدلت يده من فوق ذلك السرير ليدرك وويونق أن من كان يقوم مقام أمه و أبيه قد رحل ليُصبح هو وحيدا الآن

توفي جونهو و عُرض مطعمه للبيع فلم يكن له أحد ليرثه و لم تكن هناك أي من الأوراق الرسمية التي تُخبر بأنه تبنى وويونق فما كان للدولة إلا أن تعرض هذا المطعم البسيط للبيع، ظل وويونق مقيما في منزل جونهو الصغير و المهترء إلى أن علم أن مطعمهم قد بيع و قد تم تقديم طلب للندلة فذهب ليعود إلى عمله و قد وصل على دراجته إلى المطعم و أوقفها لينزل، تقدم وويونق نحو ذلك الباب لكنه نظر إلى الداخل قبلا فرأى أنه أصبح مكانا فاخرا لا يقصده سوى الأغنياء لتلك الطاولات المغطاة بالمفارش الحمراء و التي تحمل شموعا في الداخل فتراجع بضع خطوات للوراء قبل أن يدخل إلى المطعم و رفع رأسه ليرى تلك اللوحة التي كُتب بها "مطعم عائلة تشوي الفاخر"، امتلأت عينا وويونق بالدموع فبعد ما كان يُقدم الكيميتشي و بعض الأكلات الشعبية في هذا المطعم الذي أطلق الناس عليه "مطعم الحي المجاور" سيصبح الآن مكانا لن يقصده سوى الأغنياء و المتعجرفين

لحظات و دخل وويونق بخطاه المثقلة و تقدم ليتم قبوله فورا فاكتمل عدد الندلة و قد طُلب منه أن يأتي في الغد ليلاقي رئيس قسم الندلة حيث سيبدأ أول يوم عمل له، عاد وويونق لمنزله بعد ما ابتاع زي نادل و قد وصل ليدخل ملقيا بنفسه على ذلك السرير، فرش ذراعاه بتعب و زفر بنفس طويل و حزين و قد ألقى بزي النادل على الأرض و كأنه لم يرد تلك الوظيفة و ظل مستيقظا ليمضي ليله بالتفكير و البكاء حتى نام أخيرا معانقا لتلك الدموع التي ملأت وجنتيه

ظهر يوم جديد و أشرقت الشمس مجددا لتقع أشعتها الساطعة على أعين وويونق فرفع وويونق كفه ليغطي عيناه من ذلك الضوء الساطع و قد أخذ يستيقظ ببطء و جلس بعد ذلك ليلتفت إلى منبهه الذي لم يرن فأدرك أنه تأخر نصف ساعة و هذا وقت طويل للغاية بالنسبة لأول يوم عمل له سرعان ما نهض ليرتدي لباسه بعجلة ثم خرج من المنزل مسرعا ليفك تلك السلسلة التي أقفلها حول عجلة دراجته ليقوم بركوبها بعد ما اتسخت يداه لكن الأمر لم ينتهي هنا فبعد مسافة قصيرة كان على وويونق إيقاف دراجته لعبور تلك الأراضي الغير مستوية سيرا لكن وويونق كان أعجل من أن يقف فعبر و هو يركب هذه الدراجة مسرعا ليقع بقوة على الأرض حتى بات كلا من قميصه و سرواله الأسود متسخين، رفع وويونق رأسه بألم بعد وقوعه لينظر إلى كفيه التي ملأتها الخدوش ثم رفع ناظريه إلى دراجته ليتفاجئ بعجلتها الامامية التي تحطمت و أفسدت بالكامل لكن وويونق لم يتوقف بل نهض مسرعا نحو المطعم و هو يعاني بكل خطوة منه على معاكس من يقال عنه ابن النقود و يعيش حياة هانئة خالية من ضغوطات العمل، يستيقظ كل صباح على كوب قهوة ليفتتح به يومه، سان ابن العائلة الأكابر و التي لا ينقصها سوى الحب فبالرغم من كل تلك النقود التي يمتلكونها و التي لا تأكلها النيران كما يُقال إلا أنهم عائلة متفككة و لا يجتمعون سوى أمام الكاميرات و الصحافة

استيقظ سان مبكرا هذا الصباح بعد ما أمضى شهره السابق في التخطيط لإقناع أحد زبائنه الذي سيعقد معه صفقة لبناء نُزل فاخر يطل على الشاطئ تقدر أرباحه بالملايين فارتدى بدلته الرسمية و خرج من منزله حاملا حقيبة ملفاته و معه كوب قهوته متجها إلى سيارته لكن هناك ما كدر يومه فلقد اقترب ليركب سيارته لكنه أدرك أن أحد إيطاراتها قد فرغ من الهواء سرعان ما غضب و بادر بطلب سيارة أجرة لتقله إلى الشركة

بعد مسافة توقف سائق الأجرة على بعد شارعين من الشركة و قد بدأ الوقت يمضي فنظر سان إلى ساعته مدركا تأخره ليقول "أسرع، أنت تقوم بتأخيري عن عملي!"، رد سائق الأجرة قائلا "ألا ترى أن الإشارة حمراء يا سيدي؟" سرعان ما أخرج سان نقودا و ألقى بها على ذلك السائق و خرج من الأجرة مسرعا ليعبر الشارع غير مدرك لما حوله فلقد سيطر عليه غضبه و شيئا من التوتر لكن هناك من ارتطم به لتقع تلك الحقيبة من يده و تتناثر كل تلك الأوراق في الأرجاء

رفع وويونق رأسه بعد أن وقع و قد نظر بعينه المتعبة و التي أحاط بها السواد إلى وجه سان الذي سرعان ما صرخ "ما بالك؟! ألا ترى أمامك؟!" فانحنى وويونق معتذرا و قد عاد ليجمع أوراق سان و أعطاها له و أكمل طريقه مسرعا نحو ذلك المطعم لينفض سان بدلته بضجر قائلا "اللعنة، ما هذا؟! لم ينقصني سوى هذا الفتى المغفل!" ثم أكمل طريقه و قد وصل إلى الشركة بين ما وويونق و بعد عناء استطاع الوصول إلى المطعم و هو متأخر
.
.
.
انتهى البارت الاول👀
اتمنى انه نال اعجابكم ليدفعكم الى مواصلة القراءة😁

𝑴𝒀 𝑩𝑬𝑨𝑼𝑻𝑰𝑭𝑼𝑳 𝑾𝑨𝑰𝑻𝑬𝑹 // ووسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن