_3_

549 47 124
                                    

...

رن هاتفي ليطرد عني أحلامي ويوقظني من أجل صباح جديد ويوم اعتيادي. مددت يدي اليمنى بتثاقل لإطفائه.

حركتها لكنها لم تصطدم بأي شيء سوى لحاف السرير المجعد. شعرت بٱستياء. رفعت الوسادة عن رأسي وفتحت عيناي جزئيا. لمحته على مقربة مني أخذته وأطفأته ثم رميت بجسدي على السرير و أرخيت جفناي..

فتحتهما بعد برهة و أمسكت هاتفي فإذا بها الساعة العاشرة صباحا. قفزت من السرير فزعة و اتجهت أبحث عن حقيبتي الدراسية..

انتظروا لحظة.. لماذا أبحث عنها؟ لقد انقطعت عن دراستي منذ سن الثانية عشر أي منذ ست سنوات لأسباب شخصية لا داعي لأن يعرفها الغرباء..

أطلقت نفسا طويلا أزاح عني الفزع و الاضطراب. وقفت أمام المرآة أشاهد انعكاسي.. فتاة معتدلة القوام لا نقص فيه و لا زيادة. الجميع يراني قصيرة ربما لأنني لم أتجاوز المتر و الستين سنتمترا.. حقيقة يروقني حجمي فهذا هو الطول الأنثوي. أفضل أن أكون قزما قصيرا على كوني زرافة تتمايل مع هبوب الرياح.. وجهي مستدير ذو جبين عريض نسبيا لكنه لا يظهر من تحت كل هذا الشعر المجعد الأسود..

حسنا.. لننتقل إلى ملامح وجهي الدقيقة. عيناي واسعتان سوداوان ذات رموش قصيرة و هذا ما يثير غيضي أنفي لا بأس به فلا شيء مميزا فيه أما فمي فهو صغير ذو شفتان ورديتان يظهر لونهما جليا بفضل بشرتي البيضاء..

خرجت من غرفتي لأذهب إلى المطبخ. فتحت الثلاجة أبحث عن شيء يسكت معدتي و يطفئ جوعي. مددت يدي لآخذ خوخة.

أغلقتها و هممت بالمغادرة لولا دخول بدر و بدور اللذين شرعا في الصراخ مخاطبين أمي:
- أمي.. أتعلمين ماذا درسنا اليوم؟ لقد صفق لنا جميع التلاميذ.. انظري إلى ورقتي..
شعرت بالانزعاج من كلامهما المتواصل عن المدرسة فغادرت المكان نحو محل البقالة مفكرة..

أحقا كان علي فعل ذلك منذ ست سنوات؟ أجل.. بالتأكيد.. من أجل أخواي.. لكن لماذا أشعر بالندم حيال ذلك؟ قطع حبل تفكيري صوت مألوف يقول:
- نغم.. أدائما تبحثين عن الطعام ؟

استدرت فوجدت جوري صديقة طفولتي. ابتسمت في لطافة لأعانقها مرحبة. توجهنا إلى منزلها لنمكث في غرفتها. نظرت إلي في أسى لتبادر بالقول على مضض:
- من المؤسف عدم التقائنا صباحا في الكلية. لا أظن أنه كان عليك اتخاذ ذلك القرار.
- كان علي أن أضحي من أجلهما. لقد كان الحل الوحيد.

﴿أسفك لن يغير شيئا﴾حيث تعيش القصص. اكتشف الآن