_5_

206 27 59
                                    

...

__________

صوت فرامل حاد يتزامن مع صدى بوق سيارة.. صراخ متواصل.. بكاء.. ضجيج ارتطام على جانب الطريق.. تأحرج و انقلاب على سفح هضبة مرتفعة جدا.. تكسر زجاج.. توقف الحطام على المنحدر.. صمت تام يعكره صوت دخان السيارة المتصاعد..

__________

ضغطت على فرامل شاحنتي. فتحت بابها و نزلت أركض مضطربا خائفا و قد تسارعت دقات قلبي لأتوقف فجأة عند حافة الطريق أطل نحو القاع.

أمسكت بيدي المرتعشة الحاجز المحطم لأشاهد السيارة الملقاة أسفل المنحدر.. أو ما تبقى منها.. تجمدت في مكاني أستوعب الأمر..

أنا مجرم قاتل.. علي الهرب.. تراجعت إلى الخلف بتردد ثم استدرت عائدا إلى الشاحنة لأغادر المكان دون النظر ورائي..

__________

صوت إنذار سيارة الإسعاف.. أناس متحلقون.. ضجيج.. بكاء.. دماء.. الكثير من الدماء.. زجاج متحطم.. نقالة تحمل المصابين إلى سيارة الإسعاف.. إسعافات أولية.. صمت قاتل.. ثم ظلام مجددا..

__________

حركت جفناي قليلا في حركات بطيئة. فتحتهما ليستقبلا ضوءا حادا يوقظ ذاكرتي و يحيي تفكيري..

ما هذا المكان؟ كيف وصلت إلى هنا؟ ماذا حدث؟

أصابني الهلع و الفزع. حركت رقبتي قليلا فأصبت بألم حاد. حاولت تحريك يدي اليمنى فعجزت عن ذلك. أصبحت أثقل..

اتكأت على يدي اليسرى لأجذب جسمي و أسوي جلستي بصعوبة فلمحت رجلاي مجبستين و كذلك يدي اليمنى..

فتح الباب و دخلت إمرأة متوسطة السن ترتدي ميدعة بيضاء. يبدو أنها ممرضة.. أنا في المستشفى.

ابتسمت ابتسامة هادئة مريرة لتقول:
- الحمدلله على سلامتك. أمازلت تشعرين بالألم؟ لقد أصبت بكسور بليغة في ساقيك.. أما يدك فليس الأمر بتلك الخطورة.

جلت بنظري في أرجاء الغرفة لأقول بصوت متقطع:
- أ.. أين عائلتي؟

طأطأت الممرضة رأسها ليعم صمت رهيب.. صمت أحدث مجزرة أفكار في رأسي.. ارتفع صوتها قليلا لتجيب بأسى:
- عذرا.. لقد توفي جميع من كان في السيارة سواك..

﴿أسفك لن يغير شيئا﴾حيث تعيش القصص. اكتشف الآن