الفصل الثامن والتاسع عشر

125 13 8
                                    


(( الفصل الثامن عشر ))

.............
لم يخذله حدسه يوماً، دائما ماكان يعتمد عليه في حلّ أغلب قضاياه، وكان يقوده دائماً إلى المجرم مباشرةً مهما برع برسم قناع البراءة على مُحيّآه.

وكذلك يخبره حدسه الأمني الخبير بأن يوسف خلفه أسرارٌ كثيرة، بينما يقف الآخر أمامه وتنبعث من عينيه أنهار من الحقد والكراهية الموجهة ضد براء،.

كان الصمت سيد الموقف بينهما وهي تقف هناك ولاتفهم سبب هذا العداء وكأن بينهما ثأراً قديماً، بيدْ أنها فوجئت بنبأ إبعاد براء عن التحقيق وشعرت بالخيبة لكنها لم تجد لهذا الشعور تفسيراً.

مرّت ثوانٍ عدّة قبل أن يقطع براء هذا الصمت المشحون بالعديد من المشاعر المختلطة،ليسأل يوسف بهدوءٍ مُريب: وكيف علمت بأمر إبعادي عن القضية؟؟
ارتبك يوسف لثانية واحدة ،سرعان ما ضبط إيقاع نبرته راسماً ابتسامة باردة على شفتيه ليجيبه : إنّ الأخبار تنتقل بسرعة هنا سيد براء.
ثم رفع كتفيه بزهوّ مضيفاً بلا مبالاة: و هذا مايميز لبنان.

رمقه براء بنظرات تنمّ عن عدم تصديقه، فأتاه صوت أميرة السائل بإحباط: هل حقاً تمّت تنحيتك عن متابعة القضية سيادة الضابط؟؟
تطلع إليها وشعور طفيف بالسعادة اجتاحه عندما لاحظ نبرتها المُحبطة، ابتسم بتلقائية لتظهر غمازتيه وهو يستدير نحوها بجسده متحدثاً برقة:الحقيقة نعم آنسة أميرة.
سيطرت علامات الخيبة على وجهها، في حين أضاف براء : لكنني سأبقى مُتابعاً مع المُحقق الجديد .
ثمّ تابع بابتسامة مُشرقة: ولا تنسي أننا أصدقاء.

ابتسمت برقة وهي ترمقه بنظرات لاتعرف ماهيّتها،ربما هي فقط سعيدة لأنها ستراه دائماً ولا تعلم السرّ وراء ذلك.

............................................

عقد يوسف حاجبيه بضيقٍ من تواصلهما المُستفز له، اقترب حتى حال بينهما بجسده ليهمس لبراء بغلٍّ دفين: ومنذ متى أصبحتما أصدقاء حضرة الضابط؟؟
رفع رأسه بعنادٍ قائلا بابتسامة ساخرة: وهل هناك مايمنع صداقتنا؟؟؟
ابتسم بشرٍّ وهو يجيبه ببرود: طبعاً، نظراً إلى أنها خطيبتي، أم أنني شفافٌ لدرجة أنك لاتراني؟؟

هزّت أميرة رأسها بيأس من حديث يوسف، بينما ابتسم براء بتهكم قائلا بسخرية : أرجوك، لاتخبرني أنك تغار؟؟
قابله يوسف بأخرى باردة، مُتحدّثاً بغطرسة: أنا رجلٌ شرقيٌ في النهاية سيادة الضابط، ولديَّ غيرتي على ما يخصني.
اتسعت ابتسامته المُتهكمة ليجيبه قاصداً إهانته: حسناً لأعترف لقد فاجأتني، لم أعتقد أنّ لك شرف الانتساب لأصولك الشرقيّة، ظننتُ أنّ الحياة في أمريكا أنستكَ جذورك.

اختفت ابتسامته وقد استشعر الإهانة والسخرية في معرض حديثه، ضيّق عينيه وهو يرمقه بنظرات حاقدة،وهي تقف هناك تراقب ما يحدث وتشعر بنفسها حرفياً كالبلهاء، لم تفهم لمَ هذا الجوّ المشحون بالكراهية الواضحة،حقاً لم تفهم!!!

أشلاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن