الفصل الاربعون والحادي والأربعين

117 13 10
                                    

(( الفصل الأربعين ))

..........

منذ لقائهما الأخير لم تره أو تسمع منه، قام الطبيب بنقلها إلى غرفةٍ عادية بعد أن نفذت من الموت بمعجزة منذ آخر زيارة لبراء لها،بيَدْ أن الممرضة والحرس بقوا ملازمين لغرفتها.

لم تفكر في أمر نفسها كثيراً ،بل كان شغلها الشاغل أميرة ويوسف ومصير كلٍ منهما، خاصة وأن براء قد كشف أمر يوسف، من المؤكد لها أنه هاربٌ لحدِّ اللحظة، ودليلها على ذلك  الرجال الذين أرسلهم هو لاختطافها من المشفى يوم أمس ، وقد علمت بالأمر عن طريق الصدفة ،لكن أحداً لم يخبرها بما جرى بين براء ويوسف ومصير أيٍّ منهما.

تنهدت بحزن وهي تسند ظهرها على حافة السرير خلفها ، كم اشتاقت لابنتها، خاصةً أنها لم ترها منذ آخر زيارةٍ جمعتهما في المشفى بحضور براء، لاتعلم بعد إن كان براء قد أخبرها بأنها ويوسف من قتلا عمار أم لا ، أغمضت عينيها بوهن وهي تبتهل إلى الله داخلها بأن تراها وتطمئن عليها.

كانت نسمة خارجاً عندما دلفت أميرة إليها، جحظت عيناها بسعادة وانشقّ ثغرها عن ابتسامة عريضة ،وكأن الله استجاب لدعائها وتوسلاتها، هتفت بفرح اقتحم قسماتها: أميرة، حبيبتي!!

تقدمت ناحيتها بخطوات ثقيلة ،ازدردت ريقها وهي تحدثها بجمود: كيف حالك؟؟
استغربت برودها معها لتنتبه لتوها إلى ملابس أميرة الداكنة كأنها في حدادٍ جديد، وحالها المُزري ووجهها المُجهد كأنها لم تنم منذ أدهر.

ساورها القلق في شأنها، لكن أميرة لم تترك لها فرصة التفكير حين سألتها بغتةً: هل صحيحٌ أنك من قتل والدي؟؟؟
تجمدت حواسها وانقطعت أنفاسها للحظة،  طالعتها بصدمة وهي تعتقد أنّ براء من أخبرها، في حين أضافت ابنتها كمن قرأ أفكارها: والدي من أخبرني بالأمر.
سكتت لثانية تُعاين تعابيرها المصدومة ثم أردفت ببرود: بمشاركةِ يوسف.

تسارعت أنفاسها باضطراب وهي تبحث عن صوتها، إلا أن أميرة تابعت بقسوة اكتسبتها من أحداث اليومين الأخيرين: لقد علمتُ بالحقيقة كاملةً، عليا.
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تهمس بجزع: أميرة.

لم تبالي الأخيرة ، بل أضافت بذات النبرة القاسية وهي تحدق في عمق عينيها بقوة: هل تعرفين أنني قد قتلتُ يوسف؟؟؟
شهقت عليا بصدمة حقيقية وقد حررت دموعها، أزدادت حدّة صدمتها عندما أردفت الأخرى بتمهل: وبراء الآن في المستشفى.
ازدرمت ريقها بمرار قبل أن تضيف: في غيبوبة.

حبست دموعها داخل عينيها، تنفست بعمق لتثبط انفعالاتها ثم تابعت بحشرجة: بعد أن حقنه يوسف بسم كوبرا مخفف...
صمتت لعدة ثوان ثم همست بخفوت: بسببي أنا.
عادت ورفعت صوتها قائلةً بثقة وهي تحرك رأسها بإيجاب كأنها تحدث نفسها: لكنني متأكدةٌ أنه سيكون بخير.

ارتجفت شفتاها بصدمة موجعة  وهي تطالع وجه ابنتها ذو الملامح الواجمة، وقد اكتسبت تعابيرها حدّةً وقسوة غير مألوفةٍ لها،وكأن من أمامها هو شخصٌ آخر.

أشلاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن