الفصل الثامن والتاسع والعشرين+الثلاثون.

130 9 13
                                    


(( الفصل الثامن والعشرين ))

..............

أطلّت الذهبية بحرارة كما كلّ يومٍ صيفي، استيقظت أميرة مبكراً وجهزت نفسها للذهاب إلى الشركة، ارتدت قميصاً رسمياً باللون الأزرق الشاحب وتنورة قماشية سوداء تلامس ركبتيها، ربطت شعرها على هيئة ذيل حصان وحررت خصلتان على جانب وجهها ،فأعطتها هيئة طفولية مُحببة،و تركت وجهها على طبيعته دون أي مساحيق تجميل.

وقفت أمام المرآة تتفقد هيئتها قبل أن تحمل حقيبتها مُتجهةً نحو الأسفل، وجدت يوسف جالسا وحيداً في الصالة الكبيرة، رفع رأسه إليها يتأملها بحب وابتسامةٍ حقيقية، اتجهت نحوه راسمةً ابتسامة لبقة على شفتيها مُرددةً: صباح الخير.

وقف قبالتها فبان الفرق بين طوليهما حيث كان يوسف أطول منها ببضعة بوصات، تأملها بإعجاب ثم امتدت يده ليتلمس إحدى الخصلات على جانب وجهها فارتدت تلقائياً للخلف.

كوّر قبضته وأسبلها بجانبه وقد تجهم وجهه، ازدردت ريقها بتوتر وهي لاتعرفُ حقاً لما فعلت هذا، كل ماتعرفه أنها لم تعد تتقبل لمساته لها مهما كانت بسيطة.
لاحظت امتعاضه فأجلت صوتها لتتحدث بابتسامة بلاستيكية: اسمع جو ،لقد وكلت محامي والدي ليستخرج التصاريح اللازمة لإستخراج جثته استعداداً لدفنها.

شدّ ظهره وهو يقابلها بوجه جاد ليخبرها باقتضاب: لا داعي أميرة، فجثة والدك سيتم إخراجها بعد وقت قصير.
بدت علامات الذهول واضحةً على مُحياها،فيما استطرد حديثه بكل بساطة: لقد جهزتُ لكل شئ، سيتم دفنه فوراً بعد إخراجه.

رمشت عيناها لتسأله بحدة طفيفة: كيف فعلتها جو؟؟ ولمَ لم تخبرني؟؟
عقد حاجبيه باستغراب من هجومها عليه فأجاب بلا مبالاة: لقد أخبرتك قبلاً أنني سأتولى مسألة إخراج جثة والدك وودفنها، ولقد قمتُ بكافة الإجراءات منذ الأمس ، فلمَ أنتي غاضبة ؟؟

رفعت حاجبيها بدهشة مُجيبةً بتهكم: ربما لأنني ابنته؟؟
نفخ يوسف بضيق وهو يشيح بجسده عنها قائلاً ببرود: وإن يكن؟؟؟.
هزت رأسها بيأس من تهميشه لها وكأنها لاتعرف كيف تتصرف، فهمست بثبات: لا حق لك بالتحكم في حياتي جو!!

استدار نحوها مجدداً صائحاً باستنكار: أتحكم بحياتك؟؟؟
قابلته بصراخ: نعم تتحكم بحياتي، حتى أنك  نصبتَ نفسكَ وصيّاً عليّ منذ وفاة والدي وابتعاد عليا عني، وكأنني طفلة صغيرة لاتفقهُ شيئاً.

تسارعت أنفاسه بغضب فأمسك معصمها يشدّ عليه بقسوة، ليقول وهو يجزّ على أسنانه: أميرة، الزمي حدّك معي ولا تصرخي في وجهي، أفهمتي؟؟
نفضت يده عنها لتصرخ به كمن فقد عقله: لا جو، بل أنت من يجب أن يلزم حدّه ، لاتنفكّ تخبر الضابط براء بأنك خطيبي، أنجزت تصاريح إخراج جثة والدي حتى دون الرجوع إليّ أو إخباري، فماذا تسمي هذا كله؟؟؟

أشلاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن