الفصل السادس والعشرون

14K 324 9
                                    

وماهي إلا لحظة وبالفعل توقفت سيارته بالخلف وترجل كرم منها ليقف للحظات معدودة يحملق بعمر وهو يمسك بذراعها بعنف ويرغمها على الوقوف معه ، فتطاير الشر من عيناه وبدأ يظهر عن حقيقته المتوحشة التي شهدتها منذ أيام عندما اختطفت .. رأته يندفع نحوه كالوحش الثائر ودفعه بعيدًا عنها هاتفًا بنظرة مرعبة :
_ شكلك محرمتش من المرة اللي فاتت !

واغار عليه يعطيه لكمة كادت أن تطيح به أرضًا ، ليستشيط عمر غضبًا وغيظًا ويندفع إليه يعيد له اللكمة بقوة ، كانت شفق تقف تحدق بهم وهي منذهلة ومرتعدة ، لا تدري كيف تتصرف أو ماذا تفعل لتنهي مايحدث ، ولكن حين رأت كرم اصبح كبركان انفجر واطاح بعمر إلى الأرض وهم بأن يكمل ويبرحه ضربًا أكثر ، فهرولت ووقفت أمامها تمسك بذراعيه هاتفة برجاء :
_ كرم خلاص ابوس إيدك .. يلا بينا احنا في الشارع مينفعش اللي بتعمله ده

رفع سبابته يصيح منذرًا إياه بأعين شرانية :
_ لو شفتك بس بتقرب منها تاني .. هشرب من دمك ووهندمك على اليوم اللي شفتني فيه

كانت شفق تحاول أن تجعله يتحرك ويرحلوا بتوسلاتها ، وأخيرًا وجدته يقبض على يدها ويسحبها معه ناحية السيارة ثم فتح الباب وقال بلهجة صارمة :
_ اركبي 

حدجته بنظرة مرتبكة واستقلت بالسيارة دون أدني اعتراض ، ليلتف هو من الجهة الأخرى ويستقل بمقعده المخصص للقيادة وينطلق عائدًا إلى المنزل ، اخذت تختطف إليه النظرات بارتعاد من ملامحه المريبة وغضبه العارم ، وعندما وجدته يحول رأسه ناحيتها اشاحت بوجهها فورًا للجهة الأخرى في خوف ، واصابتها نفضة بسيطة حين سمعت نبرته المستاءة وهو يهتف بحدة  :
_ والقذر ده عرف إزاي إنك هناك ؟!

خرج صوتها متلقلقًا ومضطربًا   :
_ مـ..معرفش أنا لقيته مرة وحدة طلع قدامي بعد ما نهلة مشيت وأنا كنت قاعدة مستنياك جوا في مكاني لغاية ما توصل ، ولما لقيته قعد قدامي وفضل يتكلم وبيحاول يعتذر مني طلعت وسبته وهو طلع ورايا

اتاها صوته المرتفع وهو يصيح بها لأول مرة منفعلًا :
_ وإنتي تتكلمي معاه ليه أساسًا ، وازاي تسمحيله يمسكك بالشكل ده !

رمقته مندهشة من طريقته القاسية وصياحه ، وسرعان ما امتلأت عيناها بالدموع وابعدت نظرها عنه هامسة بصوت مبحوح :
_ أنا آسفة ياكرم !

_ لا مفيش حاجة اسمها آسفة .. كان المفروض تسيبه وتطلعي ترني عليا ، مش تقعدي تتكلمي معاه !!

عادت له بعيناها الدامعة مجددًا وقالت في اندفاع وضيق من عصبيته :
_ متــكــلــمـتـش معاه  .. هو يدوب اللي قاله إنه اعتذر مني وكان بيحاول يخليني اسامحه وارجعله فقولتله إني اتجوزت وسبته ومشيت

_ امممم ترجعيله !!

قالها وهو يبتسم ساخرًا ويغلي من الغيظ ، اطالت هي النظر إليه ببعض الصدمة .. تنتظر منه أن يعتذر عن حدته معها ويعود لطبيعته الحانية واللطيفة ، ولكنها لم ترى سوى رجل غاضب وقاسي ، حتى أنه لم ينظر لها ليرى حالتها ودموعها .. فضحكت بصمت واستنكار ثم اشاحت بوجهها تمامًا عنه تجفف دموعها وهي تتوعد له حين يعودوا للمنزل .
وماهي إلى دقائق قليلة حتى توقفت السيارة أمام المنزل ففتحت هي الباب واندفعت نحو الباب مسرعة ، وبحثت بحقيبتها عن المفاتيح ولكن من الواضح أنها نسيتها ، فاضطرت لانتظاره حتى أتى وأخرج المفاتيح وشرع في فتح الباب وهو يحدق بوجهها المستاء والحزين ليتنهد مغلوب على أمره حين أدرك الآن فداحة الخطأ الذي ارتكبه للتو معها وهو في لحظات الغضب ، وبمجرد ما فتح الباب اسرعت باتجاه الغرفة غير مبالية له وهو يهتف :
_ استني .. شــــفــــق !!!

ضروب العشق ( لندى محمود توفيق )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن