الفصل الثالث والثلاثون

14.8K 332 15
                                    

وقف مندهشًا يحدق بذلك الغريب الذي يحتضن زوجته بين ذراعيه ويحاول افاقتها وهي لم تكن ترتدي نقابها ، فغليت دماء الغضب في عروقه وكاد أن يتحول لوحش كاسر ولكن وضعها وهي فاقدة للوعى كان أهم الآن ليقلق حياله ، فهرول راكضًا إليها وجذبها من بين ذراعيه يهز وجهها بلطف هاتفًا :
_ مــلاذ

حملها واتجه بها إلى داخل المنزل لكي يخفيها عن أعين ذلك الغريب الذي لا يعرفه .. شهقت الأم بزعر عندما رأت ابنتها وهي متغيبة عن الواقع وبين ذراعين زوجها ، ودلته فورًا على غرفتها ليضعها بها فاسرع ودخل وهي كانت خلفه مباشرة .
وضعها على الفراش بحذر وعاد يهز رأسها من جديد يهتف بصوت قوي بعض الشيء :
_ ملاذ .. ملاذ ردي عليا إنتي سمعاني

التفّت أمها من الجهة الأخرى وأخذت تحاول افاقتها أيضًا بينما هو فامسك بكوب الماء الذي وجده بجانب الفراش ونثر على وجهها برفق ثم مد ابهامه وسبابته إلى عصبة أنفها العلوية وجعل يفركها بلطف لكي تفيق وبالفعل بعد لحظات قصيرة فتحت عيناها تدريجيًا .. سمعت صوت والدتها أولًا وهي تقول بفزع :
_ إنتي كويسة ياحبيبتي ؟

اعتدلت قليلًا في نومتها وهمست بصوت ضعيف :
_ كويسة ياماما الحمدلله

تمتم أبيها بقلق واهتمام :
_ قومي يابنتي نوديكي لدكتور يلا

_ لا يابابا مش مستاهلة أنا كويسة والله متقلقوش

كان زين في وسط كل هذا هادئًا بشكل مريب وكأنه ينتظر اللحظة لكي يفرغ كل جموحه .. سمعته يهمس بترقب ونظرات اربكتها :
_ هو إيه اللي حصل معاكي ؟

تجاهلت نظرته المريبة وقالت ببساطة :
_ أنا كنت طالعة استناك برا ودوخت مرة واحدة معرفش ليه !

هبت الأم واقفة وقالت :
_ أنا هروح اعملك عصير تشربيه عشان تقدري حتى تقفي على رجلك

ولم تنتظر ردها بالرفض أو الموافقة حيث اندفعت إلى الخارج وكذلك أبيها ، فوجدها تهم بالقيام وهي تهتف :
_ هقوم اقعد مع طنط أحلام برا واسلم على أيمن

كان يحارب بكل ما لديه من هدوء لكي يبقى ساكنًا ولا ينفجر بها ، ونتيجة لكبحه لغضبه ظهرت في عيناه نظرات مرعبة وخرج صوته صلبًا وغريبًا :
_ متتحركيش من مكانك فاهمة ولا لا .. أنا رايح اقعد شوية مع عمي فراج وبعدين هنمشي ويارب ياملاذ رجلك تعتب برا عتبة الأوضة

انكمشت في نفسها بارتيعاد من ملامحه وطريقته المخيفة ، وتتساءل بداخلها مالذي اغضبه فقد كان طبيعيًا في الهاتف عندما حدثته .. وقف وقال قبل أن ينصرف :
_ ولما نوصل بيتنا هنتكلم عن خروجك برا من غير نقاب

لم يخرج صوتها وبقت ساكنة حتى انصرافه ، فستعادت اللحظات الأخيرة قبل فقدانها الوعي وتذكرت بأنها رأت أيمن يترجل من سيارته ولا تتذكر شيء بعد ذلك ! .
ضربت على رأسها لاعنة سذاجتها وتوقعت تمامًا الذي حدث ولماذا هو يستشيط سخطًا بهذا الشكل ، ولكنها لم تكن تقصد شيء عندما خرجت بدون نقابها ، كانت تنتظره هو واعتقدت بأنه سيصل أولًا !! ...

ضروب العشق ( لندى محمود توفيق )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن