اطبقت الباب خلفها ثم ادارت القفل لتتجه نحو خزانتها بيضاء اللون، ثم تخرج من وسطها أول ما وطأته ايديها من ملابس منزلية مريحة، التي غدت تكسوا جسمها بعد دقائق قليلة، لتتجه بقدمها الحافية نحو السرير تاركة ملابسها السالفة مرمية أرضًا بأهمال كما غيرت ملابسها بلامبالاة، بلا تفكير، وبكثير من الأرهاق الجسدي والنفسي.نامت على ظهرها متغطية ببطانيتها الثقيلة نوعًا ما، لتحدق بالسقف لعدة ثواني..
صمت، وعزلة، والكثير منهما.. أنها تائهة في هذا العالم، أم أنها وسط المحيط الخاطئ؟ وسط بشر مختلفين عنها؟ منذ نشأتها لطالما كانت طفلة عادية، كانت ذلك النوع من الأطفال الذين استطاعوا التمسك بحلم واحد منذ طفولتهم، ذلك لأنها أختارت ذلك الحلم من صميم أعجابها.
«أريد أن اكون محامية أمي»
تتذكر تلك الجملة التي نبست بها لوالدتها، هي جيني ذات التسعة أعوام وقد تجزم بشعور تلك الذكرى وهي تستشعرها اليوم، بأن بريق من لمعان الدهشة والأعجاب كان يشع في مقلتيها، كذا أبتسامتها تلك التي رسمتها بثقة، فهي أخيرًا عثرت على شغفها في هذه الحياة، وبعد؟ طفلة مثلها كانت تظن أن حلم حياة المرء هو وظيفته التي سيحققها.. أما الآن وتدرك من ناحية ما بأن الأمر لا يسير هكذا تمامًا.تتذكر كيف أختارت أن تكون محامية، جيني الطفلة التي كانت تحدق أكثر من غيرها بالتفاصيل، ألتي ستعجب بوردة في الحديقة القابعة في جانب الشارع أثناء الزحام المروري بينما الجميع حائر في متى سيتحرك السير...
كان كأي يوم هادئ في مدرستها، حتى جاءت والدة زميلتها تزور مدرستهم، أعجبت بها ذلك اليوم عندما أخذت بحق أبنتها دون تفوه المخطئ بحرف يسكتها، كانت تبدو واثقة، واثقة بالمبدأ الذي جاءت لأجله،
وألاجمل من ثقتها هو حسها بالحق وحسها بالأمومة أتجاه أبنتها، بل كانت الأكثر من ذلك، بعيني الطفلة جيني اللامعة كانت تراها شخصًا رائعًا، فلا أحد كان قادر على مواكبة معلمهم المخيف قط ولا حتى فأشعاره بأنه على خطأ، كانت لديه شخصيه صعبة في التدريس، فهو كان عجوز مخيف ذو مبادئ متطرفة ووقحة أحيانًا، بل إنه ذلك الذي كان يستحقر نفسه بلسانه، أن كل ما ينطق به كان يمسه بينما كل هدفه كان اذلال المقابل، إنه فقط يهوي اذلال نفسه، فماذا ترتجي من معلم يصف قيام ثورة ١٩ أبريل بأنتحار لا فائدة منه؟هي والأن ترى أحدهم للمرة الأولى قادرًا على جعله يعترف بخطئه بل والاعتذار من أحدى تلميذاته "الصعاليك" كما يناديهم ساخرًا.
لقد قالت والدة زميلتها جملة رائعة من منظور الطفلة جيني ذلك اليوم ولطالما أبهرتها:
ماذا ترتجي من أمة معلموها قادرين على جعل العلم من أكره الأشياء؟ بل وهم نفسهم أيقونة للكره! أنها حقًا حماقة فادحة، لو كان الأمر يعنيني لفضلت أرفاق اختبار مدى اخلاقية قيم بعض المعلمين قبل أعطائهم شهادة التدريس.
أنت تقرأ
لأنثى
Romanceكُل الثورات، كلها. أما أن تصنع عدلًا، أو تثبت حقًا، وأن كان لازال في طورِ مهمش. . . . بدأت الكتابة: 2020|9|6 نُشِرت: 2020|9|23 انتهت:2020|12|29 . . أول الف قارئ: 201214 . الغلاف من تصميمي . جميع الحقوق محفوظة لي ككاتبة أصلية، ويمنع منعًا الأقتباس أو...