١٧- أنوثة اسْتِثْنائيّة.

129 14 228
                                    


كل شيء تمحور بعد تلك الكلمات، الانغماس في عالم جديد بمشاعر جديدة، حيث كان جوفها الخاوي متين الجدارنِ يتشبع بأكسير الحب، والحياة، والوطن، علمها هو حب الوطن، علمته هي الوفاء للوطن، وأوفى كلاهما لبعضهما، وأحبهما الوطن، وابتلاهما ببعد زادهم حُبًا!

في تلك الأيام، الأيام الأخيرة السابقة لنهضة حياتها الجديدة، الأيام الماضية لمستقبل تظن هي بأنها امتلكت شرف عيشه، ولازالت تظن رغم تلك الحفرة التي قضمتها الحياة من جوفها ببعده، لازال جوفها يحوي تلك الحفرة ولازالت هي تحيا بها. فقط في تلك الأيام أدركت.. أن الحب في كل شيء.

كانت ربما، مثل أي طفلة، ثم مراهقة.. تعرف حب الأم، الأب، الأخ، الصديق، الحبيب، رغم أن الحب الوحيد المسمي ب "حب" هو حب الرجل لأمرأته، خلافًا للمسميات التي وضعها البشر لكل حب، لكنها تعي الآن أن في الحياة ثمة هنالك، حب الوطن، حب البعيد، حب الأبن، حب الحرية، حب الأمل، حب الألم، حب الكتب، حب الدمى، حب الحب!

إن الحب أكثر المفاهيم انتشارًا في المحيط، وهو -الحب- الذي يدفع الجميع لأفتعال الكثير من الأشياء التي ربما لم يكن ليفعلها في الحال الطبيعي.

كانت جيني تتفكر بعد أن اغلقت كتابها الذي قرأت منه بعض الكلمات التي اثارت الكثير من الأفكار في عقلها، وأنها لتحب التعمق في أفكار ذاتها، وانها لتحب العيش في صندرق عقلها، حرة، سعيدة، متمردة، ساخرة، ممازحة، معاتبة، مستائة، متنهدة.

هو كان جزء في تعلمها ذلك، ربما كانت تظن أن الحب هو الاعتماد على بعضنا البعض، مع مفهوم أولي عن الاعتماد الذاتي، لكنها تدرك الآن بأن: لتحب حقًا.. عليك أن تكون مكتفي من ذاتك أولًا، حتى يغدو الحب صحي، لا يرتبط تحت أسم "انتظار المقابل للأبد" ولن تقول الحاجة، لأن الحاجة أسمى من ذلك، بل هي التي تبني كل شيء.

نهضت لتتجه نحو غرفة صغيرها، كان الوقت متأخر من الليل، وهي وحيدة في هذا المنزل، كانت تبات تشونهي أحيانا معها، لكنها تحتاج للمبيت في منزل عائلتها في ليال كثيرة، قبل تشونهي كانت مدبرة المنزل تقطن بشكل دائم، ربما منذ ذلك الوقت لم تحس بهذا القدر من الفراغ في بقعتها، وربما كرد فعل نفسية تلقائية من جسدها، أخذ يسترجع ذكريات من الماضي لتملأ حاضرها.

كانت تحدق بمين جي النائم، ثم انزلت رأسها لتقبله وقد تدلت بعض خصل شعرها الطويل على وجهه بنعومة، عاودت تقبيله مجددًا، ثم ابتعدت خشية في ازعاج نومه، لكنها لحتمًا أدركت مع وجهه المغري للتقبيل ذلك: إن القُبل طريقة وهمية للتعبير عن الحب، لم أشعر قط بأن جزء من حبي الفائض قد اعتدل بعد فعل صغير كالقبل.

ابتسمت وهي تنظر له بينما تتمتم بتلك الكلمات في عقلها وتدركها جيدًا، إنها بذلك تكتشف ذلك الوهم، وهذا سيء، فعقلها سيكون مدركًا بعد الآن بأن القبل لا جدوى منها، هي تمنت لوهلة ضاحكة على نفسها لو بقيت متأثرة بذلك الوهم، لكنها كما تكون هي دائما، تتفكر بأفراط حتى تكتشف مالا يجدر بها أن تكتشفه.

لأنثىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن