١٥- صديقُ زائف.

75 12 82
                                    

كانت جالسة في غرفتها على سريرها ليلًا، الأجواء هادئة وليل الشتاء -الذي هو يدخلهم رويدًا- طويل، رفعت الغطاء الهش والناعم من جسدها لتنزل من السرير وتتجه نحو خزانتها متوسطة الحجم الموجودة في أقصى يسار الداخل من باب الغرفة وفي ذات الحين يقابله سريرها البعيد قدرًا يبلغ الثلاثة أمتار، أما وبينهما فكان باب الشرفة.

فتحت الباب الأيمن من بين أبواب الخزانة الثلاث، لترفع بضع اغطية موجودة في الأسفل بعد أن جلست القرفصاء ثم سجبت الصندوق من أسفل الاغطية المطوية وأتجهت لسريرها تعاود فتح الصندوق للتعمق بما أكتشفته على عجل صباحًا.

فتحت دفتر مذكرات والدتها مجددًا وعبرت الأوراق حتى وصلت أواخرها، تلك الأوراق التي تجاوزتها بغية في تعجيل أكتشافها للحقيقة، قرأت بعض الأوراق وكانت في احداها قد ذكرت والدها، لتفكر جيني بأن جدها قد توفي الآن ولا خال أو عم لها كانت والدتها هي أبنتهم الوحيدة التي حصلت على كل حبهم، ربما لذلك هي غدت أمرأة محبوبة وحنونة عندما كبرت، أما وجهة والدها أنها لن تفكر بهم على أية حال فهي لة تراهم كثيرًا، قطعهم والدها منذ سنين بسبب عمله وأعتقاده بأن أحدهم أن آلفه فهو لمصلحة وطمع به لا غير، كان يكرر ذلك كثيرُا فيما مضى.

قلبت الورقة التالية، كانت فارغة، لتتعجل بقلب اللاحقة كانت هنالك سطرين، هذه مريح ظنت بأنها لم تكتب بعدها لكن لمَ سطرين فقط؟ شيئًا منها تساءل لوهلة وهي في صدد قراءته..:

هل أكتب هذا أم لا؟ لمن أكتب، أنه مجرد دفتر، لكن.. في الوقت الراهن هو الشيء الوحيد الذي استطيع الأفصاح له.. زوجي حاول وبضراوة خنقي اليوم! تمصلت منه بصعوبة.

أطبقت الكتاب لتعيده للصندوق ثم تغلقه وتنهض، تعيد الصندوق لمكانه أولًا ثم تلم معطفها المنزلي وردي اللون حول جسدها أكثر وتغادر غرفتها، كانت تقف في الممر لتحدق بالغرفة المقابلة لها، غرفة والدها، اتجهت يمينًا كانت هناك غرفتان متقابلتان فارغتان أيضًا، وضعت يدها على مقبض الغرفة الأولى، توقفت لبرهة.. تتذكر محاولتها السابقة لفعل ذلك.. قبل ثلاثة سنين جيني التي لم تمكنت منها الهواجس بشكل لا يطاق حتى قررت البحث، البحث عن أي شيء ولا تدري أي شيء تبغاه.

كانت تفكر بكلام والدها على الهاتف قبل عشر أيام، كيف خرجت نبرته قاسية، كيف كانت كلماته كبيرة الحمل! وكيف خال إنه قادر على التلاعب بحيوات البشر الابرياء! لم يكن دمها يغلي عن وطنية باسلة ربما، فهل علها تجرعت شيئًا من هذا الشعور المقدس؟ وهل أن انصاعت لتلك المشاعر الآن فأليس هذا فقط لأنها تشعر بالذنب كون والدها هو السفاح لكل وطنيّ حُر!

لكن تعود لتذكر كل ذلك الشعور بالحماس والبسالة في أرض الثورة، رغم الخوف الذي كان يتملكها، لكنها شعرت بأنها حقًا تجري وراء مبدأ فطري وهام، وهو الحرية.

لأنثىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن