ملحمة الأدب

290 35 35
                                    


منذُ بدء الخليقة وحتّى هذه اللّحظة عُرِفت الملاحم والحروب كشكلٍ مِن أشكالِ الحياة وجُزءٍ لا يتجزّأ منها، وعلى مدِّ تاريخ البشريّة لَمْ نرَ أكثر مِن الصّراعات والمعارك والغزوات التي تطوفُ العالم بكامله، فهل مِن المنطقي أنْ تصير تلك الصّراعاتُ الوحشيّة أدَبًا؟!

مرحبًا بكم أعزّاءنا، ها نحنُ ذا في شِقٍّ جديد مِن هذه الواحة، أتَيْنا بكم اليوم لنحدّثكم عن أحدِ أهمِّ أنواع الأدب، الأدبُ الملحمي.

من الاسم، ماذا قد تستنبطون عن الأدب الملحميّ؟

الأدبُ الملحمي: هو أدبُ الحرب المشبّعة بالأساطير، وتُعرّف الملحمة بأنّها قصّة بطوليّة تقومُ على خوارقِ الأمور والعادات، وتُخلطُ فيها الحقائق بالأساطير. وكلمةُ ملحمة على وجه الخصوص ترمُز وتدُل إلى كلِّ ما هو بطوليّ وباسق عن قُدرات البشر، كلّ ما يستوجب معركةً أو صراعًا طويلًا ليُنجز، كمِثل قصِّ حكايات شعبٍ من الشّعوب في بداية تاريخه، أو سرد قصّةٍ تَحرّك جماعاتٍ عدّة وبنائها لأجل الأمّة والمجتمَع. وتُعدُّ القصص الملحميّة مثالًا طيّبًا إنسانيًّا يُحتذى به.

تُعرَّف الملحمة أيضًا بأنّها عملٌ أدبي يحوزُ على قواعدٍ وتخصّه أصولًا خاصّة، فيختصُّ بتدوين الأعمال والإنجازات العظيمة للشّعوب والجماعات، وقصُّ الحروب والمعارك ذات النّتائج المصيريّة، مع لَمسةٍ مِن الخوارق والأحداث الأسطوريّة. يجدر أن نُذَكّر بأنّ الأعمال الملحميّة ركيزتُها تتّكأ على عاملين اثنين، ألا وهُما شخصيّاتها الرئيسيّة التي تكون عادةً إمّا أبطالًا أسطورييّن أو ملوكًا عظماء أو آلهة الوثنييّن، وأمّا العامل الثاني فهو الخوارق والأساطير.

كما أنّ الأدب الملحمي قد يُبنى له شكلين، هما الشّعر والنّثر، وقد احتوى الأدبُ العربي على مِثل هذه الملاحم، وكان للشّعر الملحمي -خصّيصًا في الأدب العربي- دورٌ بارزٌ في إثراء العقليّة العربيّة.

وإذا انتوينا تعريف الأدب الملحمي العربي، فإنّ أدب الملحمة العربيّة يشملُ في جوفه الملحمة الشّعرية وملحمة الخيال، وقد طورت جميع المجتمعات تقريبًا -بما فيهم المجتمع العربي- الحكايات الشعبيّة لتشمل قصص الأبطال، بالرّغم من أنّ الكثير منها يُحتسب أساطير، ويرتكنُ العديد منها أيضًا أحداثٍ حقيقيّة وشخصيّاتٍ تاريخيّة.

إذًا، هل نتحدّثُ قليلًا عن تاريخ الأدب الملحمي؟

تشكّلت الملحمةُ في القَرن العاشر الميلادي، ووصلت لشكلِها الختامي بحلولِ القرن الرّابع عَشَر، إذ كان يتغاير عددٌ ونوعٌ مِن الحكايات بين مخطوطةٍ وأخرى. وشَملت أنواع القصص في هذه المخطوطات الخُرافات الحيوانيّة، والأمثال، وقصص الجهاد ونَشر الإيمان، والحكايات الفُكاهيّة، والحكايات الأخلاقيّة، وحكايات الرّجل الفاجر «علي زيبق.»، وحكايات «جحا المخادع.»

واحة الأدبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن