عبرة موجزة

58 7 2
                                    

القصّة القصيرة:

«تبدو القطع السّردية القصيرة أقربُ إلى قنبلةٍ يدوية من الأفكار، موجّهة جيدًا نحو هدفها. عندما تفلح فإنّها تضرب، تنفجّر، ولا يمكنك نسيانها بالمرّة» هذا ما خطّته أنامل «باولو باسيجالوبي» عندما همّ بوصف القصّة القصيرة دون الرّواية، فماذا قصد عندما نعتها بالقنبلة؟ وحينما قال «عندما تفلح» ألم تتساءل ما هي مسبّبات نجاح القصّة؟ أو ما هي مبرّرات فشلها؟ بل ما هي القصّة القصيرة؟ وأيَّ حضارة كانت مسقط رأسها؟ وإنْ صحَّ القول في أي حضارة شرعت؟

إنْ كانت الأفكار تتنامى بلا تريّث في عقلك تدفعك في كلّ حين إلى جعلها أسطرٍ مكتوبة وأحرفٍ مرئيّة، فلماذا لم تبرح عقلك؟ لمَ لم تصبح قصّة بعد؟
فها نحن هنا لنزوّدك بالرّكائز التي على عاتقها تُشيّد القصّة القصيرة؛ لتخلق قصّتك وفكرتك الخاصّة وتطلق العنان لمخيّلتك الرحبة.

القصّة القصيرة: هي فنٌّ من الفنون النثريّة الأدبيّة يقوم على تصوير جانب من جوانب شخصيّة ما أو يعرض موقف عابر بشكلٍ مكثّف ومبسّط، وليس بالضّرورة أنْ تكون من نسجِ خيال الكاتب؛ فيوجدُ الكثير منها قد شبّت أحداثه على أرض الواقع.
ودعونا نتحدّث عن ميّزاتها: فالقصّة القصيرة أقلُّ عددًا من الرّواية من حيث الكلمات، عادةً لا يتخطَ عدد كلماتها العشرة آلاف كلمة وقد يزيد بحدٍّ معقول أو ينقص كثيرًا عنه.

وأمّا عن أول ظهورها: فكانت بدايات تجليها في منتصف القرن التّاسع عشر، وازدهرت في بدايات القرن العشرين.

وفي الحقيقة فإنّ القصّة القصيرة ما بين الأدب العربي والأدب الغربي؛ فقد برزت القصّة القصيرة عند العرب في مطلع القرن العشرين متأثرة بالأدب الغربي، وأكثر ما كان يميز بداياتها هو الطّابع الرومانسي.

ومع حلولِ منتصف القرن العشرين تطوّرت هذه الفئة عند العرب بشكلٍ ملحوظ، من حيث اللّغة، الحوار، الحبكة، والسّرد.
أمّا عن روّادها من العرب: فيوجد الكثيرين ولكن أولهم وأبرزهم هو محمد تيمور، وشحاتة عبيد، وتوفيق الحكيم، وحسين فوز.

وأمّا عند الغرب: فقد شرع ريعانها يبزع في خمسينيّات القرن التاسع عشر، تحديدًا في أمريكا وروسيا ثم ظهرت بعد ذلك في انجلترا وفرنسا وغيرها. ومن أشهر القصص القصيرة في الغرب؛ بل وفي العالم أجمع هي قصّة «ألف ليلة وليلة».

وكما لكل شيء بنيان فاللقصة بنيانٌ أيضًا؛ وكي تكون القصّة متكاملة وذات بناء رصين على الكاتب أن يراعي جميع عناصرها وألا يهمّش أيًّا منهم، حيث تتلخص عناصرها بما يلي:

-الفكرة الرئيسيّة: وهي الموضوع الرئيسي الذي تدور حوله القصّة، وتتمحور حوله الأحداث.

-المغزى: الرسالة التي تسعى القصّة لإيصالها، مثل أن تؤكد على الإحسان للجار من خلال أحداثها القصيرة، وهي جوهر العمل الفني ونواته الفكرية التي قد تصدر عن القاص، وهي تعبر عن مفهومه ونظرته للحياة.

واحة الأدبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن