أنصتنا للفظٍ يُدعى الأدب، وعن ما يضمّه مِن شعرٍ، وقصصٍ، ورواياتٍ، ودونهم، وكلّ تلكَ الأنواع تصطفُّ ضِمنَ تصنيف الأعمال الأدبيّة. لكن هناك فروقاتٌ متباينة بينهم جميعًا، وتلك الفروقات تعمَل على تمييز بعضَهم عن بعض. فالشّعرُ يُختتم بقوافٍ محدّدة، ولهُ قواعدٌ ثابتة. أمّا القصص والرّوايات فتَعرض حيوات شخصيّاتٍ خياليّة وتحتوي على عناصر محدّدة. إنّ هذا هو الحال بالنّسبة للأدب التّخيلي الذي يختلف عن التّصنيفات الأخرى، كالأدب العاطفي، والتاريخي، والكوميدي، وغيرِهم الكثير...
كلّ أولئك يختلفون عن بعضهم البعض كما هو واضح. لكن هل تساءلتم سابقًا أينَ نشبت بدايةُ هذا الأدب التخيُّلي؟ وهل يحوي سلبيّات؟ وما هي أبرزُ إيجابيّاته، وما هي الخطوات التي يُلزم اتّباعها عندَ كتابة هذا الصّنف مِن الأدب؟
إن كُنتم متحمّسين لمعرفة أجوبةِ تلك الأسئلة، اتّبعونا فسنُطلعُكم على الكثير!
بدايةً فلنتحدّث قليلًا عن أصل هذا النّوع من الأدب، هل تعلمون أنّ مِن أوائل مَن شرِع في كتابة هذا التّصنيف هم المسلمون؟ حيث تجلّى لديهم قبل تجلّيه عندَ الغَرب بقرون!
إذ أنّ ما يُعرف غربًا بالـ«فانتازيا» يُطلقُ عليه عند العرب بـ«الأدب التخيّلي»، وكما هو معروف، يتحدّث هذا الأدب حولَ أمورٍ أسطوريّة وبعيدة عن الواقع كالتّنانين، والأحصنة، وحيدة القرن، ومصّاصي الدماء، وغيرهم من العوالم، والكائنات القديمة والسّحريٌة، أو التي يخترعها الكاتب وحدَه دون الاقتباس مِن أساطير أخرى. ويمكن أنْ يضم مُختلف الأنواع الأدبيّة كالرّوايات، والأشعار، والقصص. ويرتكز هذا النوع من الأدب على مخيّلة الكاتب بشكلٍ أساسي، فاسمه يدلُّ على ذلك، لذا يعدُّ ممتعًا للكثير من الكتّاب وأسلوبًا مميزًا لتفريغ أفكار الشّخص الغريبة على شكل قصّة ممتعة ومُثيرة. إلا أنّ آخرين يرون أنّه مجرّد مضيعة للوقت وأنّه يزرعُ أفكارًا لا طائل منها في عقول الرّاشدين والصّغار، ويمكن أن نختلس من روايات الكاتب العربي المبدع أحمد خالد توفيق -رحمه الله- عدّة أمثلة عن الأدب التخيّلي، فقد سطّر العديد من الرّوايات التي ترفعُ من شَأن الأدب التخيّلي في العالم العربي، وتُوجّه الأنظار العربيّة نحوه.
كما ذكرنا في بداية الفقرة السّابقة إنّ الأدب التّخيلي طَفقت بدايتهُ في العصر الذّهبي الإسلامي أوّلًا، حيثُ جمعَ عددٌ كبير مِن القصص في كتاب «ألف ليلة وليلة»، وقد احتوى على مختلف قصص الخيال المثيرة، كقصّة علاء الدّين والمصباح السّحري؛ فقد حصدت هذه القصّة شُهرة باسقة وممتدّة، على الرّغم مِن أنّها قد أُلحقت بهذه المجموعة في القرن الثّامن عشر، فكان السّبب وراء شهرتها هو فيلم ديزني؛ حيثُ روت فيه القصّة الأساسيّة وتمحورت حول شابٍّ فقير اسمهُ علاء الدّين يقيم في الصّين بإحدى المُدن، وقد تمكّن ذلك الشّاب مِن مراوغة ساحر حتّى يسرقَ مصباحَهُ القابع في كهفٍ مسحور، تلو ذلك قامَ علاء الدّين بتحرير المارد المتواري عقبَ المصباح عبر خطأٍ غير مقصود، فيكتشف فيما بعد أنّ ذاك المارد يُمكنه أنْ يحقّق ثلاثة من أمانيه، ومن ثمّ توالت الأحداثُ بعد ذلك، إلى أن اختُتم الفيلم بنهايةٍ سعيدة.
أنت تقرأ
واحة الأدب
Non-Fictionسنُرافقكم هنا في جَولةٍ حول الواحة، حيث سنَستَنْشق رمال الأدب بين أنفاسنا، ونرتوي من لُجة أنواعه، سنُعلمكم عمَّ تخطوه خطوة بخطوة، وسنأخذكم إلى قَاعِ الواحة لنغرقكم في عالمها، ثم سننسج لِتفاصيلها ملبسًا آخر، وسنتناول الكلمات فوق طاولة كتابتنا، وسنطهو...