ومن بين كل تلك الذكريات عبرت كلماتها في ذلك اليوم عقله ، في يوم الاجازة عندما تعجب وجودها فأخبرته انها لا تملك مكاناً تذهب اليه وان هذا المقر هو مأواها الوحيد اذا لم ترغب بالنوم في العراء
وبسرعة اعتدل بجسده وهو يشعر بقلبه ينقبض وروحه تزداد بهوتاً ؛ في مثل هذا الجو البارد وتحت هذه السماء الماطرة .. الى اين لجأت !!لعن نفسه من بين انفاسه اللاهثة وهو يجري نحو الخارج بسرعة ؛ دقات قلبه الخائفة عليها سابقت خطواته للبحث عنها
لكنه لم يحتج للذهاب بعيداً ؛ حال خروجه من ساحة الخردة وجدها هناك تقف امام البوابة الكبيرة فتوقف في مكانه مشدوهاً ..
تحت أمطار السماء ؛ تتلفح بعتمتها وترتجف من نسماتها بعد ان بلل المطر كل ثيابها وجسدها الصغير المرتعش ..راعه مظهرها المبلل ؛ ملامحها الساكنة وهي تحدق في الفراغ بضياع ؛ تركت حقيبتها على الأرض بجانبها وتصلبت كالتمثال دون حراك حتى بعد ان رأته
وجد خطواته تتمهل ليعلن قلبه الحداد على محبوبته ، وحيدة بائسة .. فقيدة تائهة بعد ان تخلى عنها رجلها وحبيبها ..
فاين ستذهب في هذا العالم الكبير وقد تركت روحها خلفها وقلبها وراءها ؛ الى اين تلجأ وهي فارغة كدمية العرض على الواجهات الزجاجية للمحال ..!اقترب منها محاولاً تهذيب انفاسه وتنظيم صوته الجزع ليتساءل : ما الذي تفعلينه هنا تحت المطر ؟!
نظرت اليه من بين اهدابها التي أثقلتها الدموع ، في حين لا يمكنه التمييز اذا كان ما يبلل وجهها هو الدموع ام المطر كانت هي أدرى بهزائم قلبها وانكساراتها فتكلمت بثبات : ليس لدي مكان أذهب اليه ..
زمجر غاضباً امام هدوئها المريب : اذاً هل بقيتِ هكذا طوال ساعات تحت الامطار دون حراك ايتها الغبية ؟
ابتسمت بعد ان التمست شيئاً من القلق بين احتشاد كلماته الغاضبة فزادته حنقاً على نفسه وهي تجيبه : هذا ما جنيته على نفسي عندما احببتك ..!
ابتلع حروفه ذهولاً امام كلماتها فأردفت : اذا لم يكن بجوارك فلا اريد مكاناً اعيش فيه .. دعني للموت اذا اردت ابعادي عنك .
أنت تقرأ
" العهد "
Fanfictionأنا تشرين .. شهر الريح، والأمطار .. والبرد.. أنا تشرين فانسحقي كصاعقة على جسدي.. أحبيني .. بكل توحش التتر.. بكل حرارة الأدغال كل شراسة المطر ولا تبقي ولا تذري.. ولا تتحضري أبدا.. فقد سقطت على شفتيك كل حضارة الحضر أحبيني.. كزلزال .. كموت...