مع بداية نهار يوم جديد فتحت بوابة المقهى مستعدة لاستقبال الزبائن الباحثين عن قهوة ساخنة في هذا الجو قارص البرودة
ثم اسرعت بجلب مجرفة صغيرة لازاحة أكوام الثلوج المتراكمة امام المدخل حتى يتسنى للزبائن العبور بحرية
وبعد ان انتهت مما تفعله عادت نحو الداخل لتقدم تحيتها لرئيسها في العمل الذي وصل لتوه ثم اسرعت بأخذ طلبات الزبائن وتسجيلها لتدور في المكان بنشاط مع بدايات الصباحومن مكان ليس ببعيد على الطرف الاخر من الشارع كان ذلك الرجل يترك يديه مرتخيتين على جانبيه باهمال بينما يراقبها بصمت يفتك بأضلعه
لم يكن من الصعب عليه العثور عليها في هذه المدينة الواسعة والمزدحمة ؛ لن يعجزه شيء في سبيل العثور عليها حتى لو ضاعت منه ألف مره فسيعثر عليها مرة تلو الأخرى ليحرسها بعينه التي لا تنام ويتبعها بقلب مقعد لا يهوى سواها ولا يسير سوى على دربها ...ما عاد شيء في هذا الوجود يغريه سواها ، ولا ينطق قلبه باسم غيرها ، ولا يرتجف قلبه سوى على وقع خطاها ...
ما عاد في أعماقه جرح غائر سواها ؛ ولا في سمائه شهاب عابر إلاها ، ولا يسكن مرافئ روحه غير أشواقه لها ...لكنه لا يقوى على مواجهتها ؛ لا يعرف كيف يقف امامها ليصوغ لها مشاعره بكلمات جامدة لا تفيها حقها ..
لا يعلم كيف ستقابله بعد كل هذا الوقت ؛ هل كان لمرور عام من فراقهما سلطة ليذيب جليد قلبها ويجعلها للحب الذي جمعهما يوماً تَرِق !
ام ان الايام والسنوات لا تعبر سوى على صراط قلبه ثقيلة في حين ما كان لها من قدرة على شفاء اوجاعها ؟وهل ستقبل حتى بالاصغاء له ؟
هل ستتخذ له الأعذار وتستوعب ندمه واعتذاراته لتقبل عليه بصدر رحب يتقبله بخطاياه وذنوبه !
ما الجدوى من تساؤلاته الكثيرة والنتيجة واحدة ؛ هو مهما حاول استثناءها من داخله وجدها تتعمق فيه اكثر وتتأصل بروحه كأنها خلقت من ضلعه ولا مكان يؤويها سوى صدره ..تنهد بهدوء عكس ما في داخله من فوضى ؛ أحياناً يكون للصمت ضجيج أقوى من صخب الكلمات !
ألقى عليها نظرة أخيرة مودعة ؛ عانقها بطرفه ، قبلها بأهدابه قبل ان يلتفت مغادراً الى المقر حاملاً اياها في صدره كذنب مباح وخطيئة جميلة صلته بلهيب شهوتها حد الاحتراق ...
أنت تقرأ
" العهد "
Fanfictionأنا تشرين .. شهر الريح، والأمطار .. والبرد.. أنا تشرين فانسحقي كصاعقة على جسدي.. أحبيني .. بكل توحش التتر.. بكل حرارة الأدغال كل شراسة المطر ولا تبقي ولا تذري.. ولا تتحضري أبدا.. فقد سقطت على شفتيك كل حضارة الحضر أحبيني.. كزلزال .. كموت...