الفصل الثامن

406 65 77
                                    

شعر بها تدخل جسدها الساخن في حضنه وتندس بين شرايينه ؛ أخفت وجهها عند عنقه لتبث فيه سكرة الحب محمومة بلوعة انفاسها المرهقة وهي تهمس : لطالما تعجبت برودة جسدك وانفاسك .. لكنها منعشة ...

كانت تلك آخر كلماتها قبل ان تفقد وعيها وتترك جسدها يزداد وهناً بين ذراعيه ؛ هزها برفق علها تصغي لندائه وتفتح عينيها دون جدوى
نظر حوله بقلب مرتجف وعينين شبه دامعتين لعل احداً ينجده وينقذها ؛ لكن لا شيء يحيطهما سوى ألسنة النار الجاثمة والموت يتسلل نحوهما عبر الظلال
لم يجد امامه سوى ان يصرخ بكل صوته وقلبه يتمزق خوفاً عليها .. اي احد .. لينقذها هي على الأقل ...

ومن بين ذلك الخوف الذي جثم على صدره سمع صوت احدهم يجيب على ندائه المتكرر ليعتدل بجسده متجاهلاً تعبه
حملها بين ذراعيه كجثة هامدة وسارع بخطواته نحو الصوت حتى ظهر له احد رجال الإنقاذ فسلمها له ليتكلم من بين انفاسه : أسعفها ارجوك ..

وضع رجل الإنقاذ جهاز التنفس على وجهها وتفقد جسدها اذا كان يعاني من اي جروح فوجد نفسه يسترها بسترتها هامساً : ليس لديها اي اصابات ..

تكلم رجل الانقاذ مستفسراً : ماذا عنك ؛ هل انت بخير ؟

حرك رأسه موافقاً ليندفعا نحو الخارج بسرعة حيث كان رجال الإطفاء قد بدأوا بإخماد النار
سلمها لرجال الاسعاف ليهرع اليه انهيوك قلقاً من بين كل تلك الجلبة ؛ قلب نظره بين جيون الراقدة على سرير سيارة الاسعاف فاقدة للوعي وبين دونغهي الذي يقف كجسد بلا روح معها ليمسك بذراعه جاذباً بصره اليه

انهيوك : هل انت بخير ، هل تأذيت بمكان ما ؟

حرك رأسه نافياً فأردف بقلب متوجس : ماذا عنها ، ماذا اصابها ؟

تكلم المسعف متدخلاً : يبدو انها بخير ؛ تحتاح لبعض الاكسجين وستتحسن حالتها ، سننقلها الان الى المشفى

وضع كفه على كتف صديقه كأنه يسند على عاتقه هواجس قلبه المتمثلة بفقدانها وهمس : رافقها الى المشفى حتى تتحسن

حرك انهيوك رأسه موافقاً بصمت وصعد بسيارة الاسعاف معها متجهين الى المشفى ، وطيلة الطريق كان يسترق النظر اليها بقلب ملأته الوساوس وقتلته الظنون
ما الذي يحدث بينها وبين دونغهي ؟
لماذا عادت اليه بدلاً من ان تخرج من المصنع وتنجو بحياتها !
وماذا عن كل ذلك الخوف الذي لمحه بعيني صديقه للمرة الأولى عليها ؟
هل عليه ان يتمهل باندفاع مشاعره حتى يتأكد ان لا شيء يجمعها بدونغهي ام يترك نفسه لتيار الهواء يبعثرهما كيف يشاء ؟؟

مرت عدة ساعات وهي طريحة ذلك السرير الأبيض في غرفة الطوارئ ؛ رويداً رويداً بدأت تستعيد وعيها لتنظر حولها بعينين خاملتين قبل ان تعتدل بجسدها وتحدق حولها بهلع
اخر ما تذكره انها اختبأت في صدره واخفت وجهها عند عنقه لتنتعش ببرودته الشهية ، فكيف تفيق على هذا السرير وبين تلك الستائر الملونة التي تحيطها !!

" العهد " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن