°°°وقفا يشاهدانِه كالعادة وهو يحرك السكاكين بخفةٍ وإحترافية، كمَّا لو أنها جزءٌ ممتدٌ من جسدِه، كانت الفتاة ذات الأُصول البرازيليِّة تلف في خصلة من شعرها حول إصبعها حِين علقت:
"لا أعلمْ كيف يفعل هذا."
تابع الشاب بجوارها تلميع الأكواب، ليُجيب بعدَ هُنيهة:
"إنه شيءٌ يُدعى المُّمارَسة."
حولَت نظرها إليه وبين عينيها تَقطِيبة، لتُردِف:
"ولكنَّه يبلغُ 14 عامًا فقط!"
حرك الثاني كتفيّه لتتابع تحديقها المُنبهِر به.
"مَارغرِيت، لا تقولي لي أنكِ معجبةٌ به."
سأل بسخريَّةٍ واضحةٍ في صوتِه لتلتفت ناحيته بحاجبٍ محلقٍ في الفضاء:
"ألست مُعجبًا به؟"
ردَّت، كأنه أكثرُ أمرٍ بديهيٍّ في العالم لتُضيف وهي ترميّ بخصلةٍ من شعرها البنيّ الغزير للخلف:
"لن أسمح له بالزواج سوى من ابنتي."
تلألأت أسنانها البيضاء في ابتسامةٍ ساحرة سلَبت من الآخر ضحكة ليقول بمرحٍ لا يخلُو من صدق: "أنتِ مُختلَّة!"
"وبالمناسبة هو في الغالِب يسمع حديثنَّا هذا."
اِتكَأت بظهرها على العمُّود لتقول بثقةٍ وهي تهشُه بيدِها: "هذا مُحال، إنَّه يضع سماعاته الحمراء وحين يفعل ذلك يكون في'الحالَة' ولا شيء يلفتُ إنتباهه إطلاقًا."
نَظرَ نحوها الشاب باستغراب لترمقه بنظرةٍ واثِقة وهي تقول: فلترَ ما سيحدُث.
"هوويّ سيِّد دياز، أتقبل الزواج بيّ؟"
رمَشت نحوَه بعينِين مليئتين بالحب لكن الشابْ اليافع المعنيِّ بحديثِها كان يسبح في عالمِه الخاص، مُنفردًا مع قطعة مانجو يقوم بتشريحها بسرعةٍ ويسر...لتنظرَ نحو الشاب الصينيّ الواقفِ بقربها وهي تغمِّز: "أرَأيت؟ لمْ يرمِش حتى!"
"من حسن حظِك أنَّه لم يفعْل...وإلا لتمَّ الزجُ بكِ في السجن."
بدَت عليها علامَات الحِيرة لتسأل بجديَّة: "وهل هذا أمرٌ سيئ؟"
وعندما رمقها بالنظرةِ إيَّاها أضافت بسرعة: "ماذا؟ سرير، طعام مجانيّ وبعيدًّا عن أعباءِ حياةِ الرَاشدِين...ماذا تريد أكثر؟"
"لا شكرًا، أنا لمْ أقطع كل هذه المسَّافة من بلادي لأدخل السجن."
"كمْ أنت مُمل يا لِيّ."
وضع يديه معًا ليرد بتحذلق: "شِيشِي."
تقدم بعدها لِيّ ولكزَ الشاب اليَّافع في كتفِه ليُزيل السماعات عن أذنيه ويرفع حاجبيه مُستفسرًا.
أنت تقرأ
«Blue, Dark & Sad | أزرق، داكن وحزين»
Teen Fiction"هنا، يُوجد الماضي الذي يصنعنا والحاضر الذي لا ننفك نتهرب مِنه بالنظر إلى المستقبل، بالتوق إليه. لحظات الحياة المتسربة من بين أيدينا ودروسها التي لا نعِيها إلا متأخرين. هذه القصة عن أرواحٍ لم تيأس، مهما بدت لها الحياة مُعتمة ولا تطاق. مهما ألقيّ به...