كالعادة عندما يشعر أبوس بالضياع يجلس على كرسيه بزاوية طاولة الاستقبال حيث كان يشعر بالاختفاء بذلك الضجيج.
بجانبه موظفان يستقبلان العملاء بابتسامه وأصوات المقيمين المتداخلة بالرواق.
كانت أفضل أوقات حياته ،حيث فكر وكأنه كمراقب بل كمشاهد على جانب المسرح.
لكن اليوم لم يكن كالعادة حيث أن جيسيكا أتت ووقفت أمامه مبتسمه تحدثه بأنها تود الخروج وأنها تريد أبوس كي ترافقها.
فكر أبوس ويبدوا أن ليلة البارحة حيث أفضت كل ما كانت تكتمه كان له تأثير عليها وكأن شخصيتها عادت قبل وقوع المأساة التي وقعت لها.
أجاب أبوس بعد أن تنهد : حسنا ،حسنا فلنذهب .
خرجا معا ،زارا أماكن عدة لم يكن أبوس بنفسه يعلم عن وجودها .
حتى حان وقت غروب الشمس ،أمسكت جيسيكا يد أبوس وصعدا حيث القمه خلف المدينة .
كان منظرا مهيبا ،تلك الاشعة الحمراء التي خلفتها الشمس خلفها وانعكاسها على المدينة .
كما لو كانت المدينة تشتعل .
ترك ذلك المنظر أثر بنفس أبوس .لو أختفى يوما ما هل سيخلف أثر كما الشمس؟ وداعا دافئ ،لطيفا على النفس؟
أوقف سلسلة أفكاره صوت جيسيكا .
جيسيكا بحماس : أبوس سمعت عن حانه مشهورة تقدم طعام لذيذ بصاحبها الوسيم ،أوه نسيت أنه توفي ...لكني سمعت أن أخاه أدار المكان من بعده .هل نذهب لنزوره ونأكل؟
تحدث أبوس بملامح أحزن من المعتاد :أعرف المكان جيدا ...سأرافقك له .
لاحظت جيسيكا نبرة صوته المتغيرة لكنها لم تود سؤاله عن أي شيء لأنها تعلم بالغريزة هذا الشعور .
فلحقته بصمت حتى وصلا للحانة .
______________________________
دخلت الخادمة حيث الغرفة الراقية التي كان الذهب الصفة الغالبة في تزينيه .
وجدت السيدة تشرب من قدح الشاب بهدوء غارقة في افكارها .
اقتربت منها وحدثتها : سيدتي ،هل أحضر لك بعض البسكويت ؟
استيقظت السيدة من شرودها : أوه جينا ، لا بأس فقد انتهيت من شرب الشاي .
ووضعت كوبها بأناقة على صحن الشاي.
نهضت واقتربت من النافذة ورأت منظر المدينة من الأعلى كانت حيوية ،زاهيه بكل تلك الانوار .
اقتربت الخادمة مرة أخرى منها قلقا عليها. كونها كانت كالأخت الكبرى لها منذ صغرها : هل هناك ما يضايقك؟
أجابت بدون عناء الالتفات :لقد سمعت أن الفت... أحم ...أقصد صديقة لي أخبرتني بأن الفتى الذي تهتم له يتسكع مع فتاة أخرى لذا...(صمتت)
فأردفت الخادمة بتوتر: هل بينهما علاقة ؟
فأجابت السيدة بسرعة :لا ،لا .فقط هي من تحمل له المشاعر ولم تخبره .أي من طرف واحد .
ارتخت ملامح الخادمة : لكن سيدتي أنتِ ... المعذرة أقصد صديقتك ما هي المشاعر التي تحملها لذلك الفتى ؟ هل هي حب؟ أم اهتمام نابع من قلب معجب ؟ أم فقط اهتمام بشخصه؟
فردت السيدة بعد أن أمسكت بإطار النافذة بعصبيه خجل : والفرق بالله عليك كلها تؤدي للحب . لكن ما تحمله صديقتي هو إعجاب والرغبة بالبقاء بجانبه ليس وكأنها ستتمادى وتتمنى الدخول في علاقة معه .
تنهدت الخادمة : يا سيدتي... حسنا أعتقد إن كانت صديقتك جادة بمشاعرها فيجب عليها التقدم ما دامت تملك الفرصة .
أما إذا كانت ليست جاده عليها فقط التنحي وتركه بحال سبيله .
صمتت السيدة بينما تفكر بكلام خادمتها ولحقها صمت الخادمة الواقفة خلفها .
___________________
مشى بخط سريعة بالرواق القديم حيث كان يصدر اصيص بكل خطوه له .
وصل لأحد الغرف بنهايته وكانت أكبرها .
حيث يتوسطا رجل جالس على أحد مقاعد الطاولة الكبرى يلعب بسكينة نحيفه بيده .
أقترب منه وتحدث: لقد عثرنا عليها .أنها تتسكع مع مدير فندق ما .
أخذ الرجل الجالس خصله من شعره الأشعر وبدأ يقطع من أطرافها حتى وصل لنصفه ونثره على الارض حيث ضوء القمر : وما هي المعلومات التي جمعتها عن ذلك المدير ؟
أجاب الرجل الأخر : أنه فتى يتيم ، قريب من عمرها له إنجازات عظيمه وهو قوي .
قهقه الرجل الاشقر بخفه : مثير للاهتمام ،والذي يفعلانه؟
أجاب من يقابله :فقط التسكع هنا وهناك.
تحدث الرجل الاشقر :ما هي العلاقة بينهما ؟
رد عليه :أقرب لصداقه .
ضحك الرجل الاشقر بصوت عالي : ممتع جدا .هل نسلبه منها أيضا؟
________________
رمى بكأسه على الجدار بجانب خادمه مما تسبب بخدش له ،لكنه وقف بهدوء رغم ذلك وبلا تعبير .
تنفس بغضب : أتقول بأن أحدهم يترصد به ؟
زم الخادم شفتيه بعدها فتح فاه وكأنه على وشك قول شيء لكنه كتمه وقال بدل عن ذلك : أجل ،ومن الواضح بأن من يترصده لا يحمل نية جيده .
جلس بعد أن هدأ قليلا : وإذا ؟
صمت الخادم قليلا بعدها تحدث : ما الذي علينا فعله يا سيدي؟
همهم جيان : فال...........يتبع >>>>>
أنت تقرأ
تجسيد البؤس (مكتمله )
Mystery / Thrillerحكايتي لكم عن روح أرهقها البؤس لدرجة تخطيها مرحلة تمني الموت ، روح أُنهكت بجدارة حتى أصبحت قالب فارغ يتربع البؤس فيها بكل بساطة. لطالما وجد طريقه في كل حكاية! أينما نظرت ستجده يقبع بكوامن الأشياء! أم هو القالب الذي تتكون منه مسارات حياة؟ إنه البؤس ي...