كان يوم مرهق لأبوس ، أخذ علمه كرئيس بمجلس الطلبة نصف طاقته لتعامل مع المشاكل المفاجئة.
قرر أن يستأذن من جيفري للخروج مبكرا كي يرتاح .
فعندما وصل لجيفري، وكاد ينده عليه إلا بالباب يصدر رنين ،معلنا عن وصل ضيف يجب استقباله.
فالتفت ليرى صدمة عمره .
نعم، إنه والده بشحمه ولحمه ،بعينيه الزرقاء التي ورثها عنه وشعره الكستنائي . يصطحب رجلين يتبادلون الحديث بوديه ومرح.
ارتفع ضغط دم أبوس ،أراد الذهاب إليه وركله فيسحبه من شعره الذي يصل لكتفيه ليرميه للخارج .
لكن كل ذلك حدث بمخيلته ،وحافظ على وجهه الجامد عديم المشاعر .
ذهب لاستقبالهم لكن لم ينسى أن يخفي عينيه بالقليل من شعره. لم يرد ببساطه أن يجذب انتباهه لعينيه الزرقاء النادرة التي عرفت بشهرتها لبعض النبلاء النخبة فقط .
لم يستغرب الأخرون بكونها لدى أبوس لأنه يتخللها اللون الأخضر ،فأصبحت هجينه باللونين الأزرق والأخضر .
تحدث أبوس : أتبعوني من فضلكم ،لأنقلكم لطاولة فارغة .
فتبعوه بينما يتجادلون .
عندما وصل انحنى بخفة ومد يده اتجاه الطاولة علامه على طلبه لجلوسهم عليها بعدها غادر ، تعجبوا لأسلوبه الفظ قليلا فمن المعروف أن يقف كي يأخذ طلباتهم .
ذهب لأندرو يطلبه أن يضيف طاولتهم لكنه تعذر بالانشغال ،لسوء حظه كان اليوم مزدحما باستقبال العديد .
فأخذ قائمتي الطعام والمشروبات بمضض ،وذهب لهم .
وضعها على الطاولة أمامهم وبقي واقف بثبات ممسكا بورقة وقلم ليسجل الطلبات.
فتحدث جيان : يا فتى! ما فعلته قبل قليل كان وقحا . كيف تترك الضيوف وتغادر ببساطه ،ها ؟
فأجاب أبوس بلا أي تغير بنبرة صوته الجاد غير المبالية التي سيحافظ عليها في الحديث معهم : لقد ذهبت لأحضر قائمتي الطعام والمشروبات ،فكان من الواضح لي أنكم لم تأتوا لهنا قبل ،فبادرت.
جيان بنبرة تعجب : وكيف لك أن تعلم عن ذلك؟
أبوس يتنهد بداخله(متى سيغادر هذا الفظ الغليظ) لم يظهر لهم أي تعابير : أن أعرف العملاء المنتظمون لحانتنا لذا لم يكن شيء يصعب تميزه ،خصوصا أنك تبرز بمظهرك هذا لذا لو أتيت سابقا لتعرفت عليك.
على الرغم من نبرة أبوس الراكدة إلا أن جيان شعر بشيء ما لكن تجاهله ،فتعجب من شعوره هذه :حسنا .
بعد أن انتهى من أخذ الطلبات غادر ،لكن جيان ظل يفكر بأن ذلك النادل له هاله غريبه مألوفة فكتمه بصدره وأكمل الحديث مع أصدقائه متجاهله.
بعد مرور الوقت ،أنتهى جيان وأصدقائه من تناول طعامه فنهض ليحاسب ،فوقف أمام المحاسب وسأل : أود أن أسألك ،هل تعرف ذلك النادل ذو الشعر الأسود ؟
وهو يأشر على أبوس ،فأجاب المحاسب : أتقصد توم ؟ هل تحتاج لشيء ما منه أو هل لديك ضده شيء؟
أنهى حديثه بنبرة شبه غاضبه لأنه صديق أبوس.
ألتقط جيان شعوره فأجاب بغرابه : لا ، إذن أسمه توم ،أعتذر على الإزعاج.
أعاد المحاسب بطاقته فور ما نطق باسم أبوس الرمزي لذا قطع جيان حديثه لأن خلفه أشخاص يريدون الدفع .
________________
شعر المحاسب لويس بالقلق منه ،كان لديه شعور داخلي يخبره أن لا يتحدث عن أبوس لهذا الغريب لذا أنهاء المعاملة معه بسرعه .
ولدى خروجه ،نده على أبوس الذي التفت له.
لويس : هي هل تعرف رجل طويل بعينان زرقاء صافيه ،وشعر كستنائي؟
تجمد أبوس للحظه لم ينتبه لها لويس: لا ،لما؟
تحدث لويس وهو يخدش جبهته بخفه : لقد سألني عنك ،فأجبته باسمك الرمزي بالحانة فقط بعدها أخرجته.
تنهد أبوس براحه : شكرا لك .
فأبتسم لويس الذي يكبره بخمسه أعوام راد عليه: على الرحب ،إذن سأغادر .أراك لاحقا .
أومئ أبوس له وأكمل طريقه بحيره يفكر ( لما أراد التعرف علي ؟ هل شك بي؟ سحقا ،علي عدم الالتقاء به مجددا .لا أود التورط معه بأي شكل من الأشكال.)
______________
على الرغم من ذلك مرت العديد من الأيام التي زار فيها جيان الحانه وكل مره يختبئ عنه أبوس ،وجيفري يساعده بعد أن قال له أبوس بأن جيان منحرف مهتم به .
لذا لم يلتقى بعد ذلك اليوم ،فعاد جيان لمدينته ،تارك أبوس يعيش براحة أكثر .يتبع>>
ألقاكم قريبا ⚘
أنت تقرأ
تجسيد البؤس (مكتمله )
Mystery / Thrillerحكايتي لكم عن روح أرهقها البؤس لدرجة تخطيها مرحلة تمني الموت ، روح أُنهكت بجدارة حتى أصبحت قالب فارغ يتربع البؤس فيها بكل بساطة. لطالما وجد طريقه في كل حكاية! أينما نظرت ستجده يقبع بكوامن الأشياء! أم هو القالب الذي تتكون منه مسارات حياة؟ إنه البؤس ي...