وقفت سيرينا بملابس النوم الداخلية تطلع إلى نفسها في المرآة في غرفة نومها. وبوجه جامد، كانت تمقل تفاصيل جسدها بعينيها الدارستين. خطر في بالها الأوقات التي تعرَّت فيها لسوسكي وأغوته بجسدها الجميل، وكيف كان يدلِّلها بطرق الحب التي لم تحلم بها من قبل. شعرت سيرينا بالضيق فجأة، فارتدت ثوب النوم لتغطي بدنها من الذكريات الحميمية الخارجة عن وقتها، ولكنها ظلت تنظر لنفسها بعينيها الخضراوين المميزتين التي ورثتهما من والدها وعائلتها التي اشتهرت بهذا اللون المتفرد من العيون، ولكن عائلتها لم تكن ذات صيت كبير بسبب لون العيون فحسب.
كان آل موزَيتِّي عائلة بارزة من مافيات صقليا، وتنحدر من دماء ملكية من طرف الأم عندما كانت الجزيرة مملكة قائمة بحد ذاتها. تولَّى لورينزو موزيتي، والد سيرينا، والملقب بالقيصر، زعامة العائلة عندما كان شابًّا بعد اغتيال والده من قبل طرف مجهول، وبجانبه أخوه أليساندرو موزَيتِّي كساعده الأيمن، السُّوتو كوبُّو الخاص بالعائلة. وصلت العائلة لأوج قوتها في عهدهما، حيث استطاع الاثنان إخضاع معظم صقليا لسلطتهما. كانا ثنائيًّا لا يُقهر؛ عديما الرحمة والشفقة، وذوا مهابة جعلت الأعداء يرتعشون خوفًا من مجرد ذكر اسم أحدهما.
ازدردت سيرينا لعابها؛ كان بطشهما يطال الجميع، حتى هي لم تسلم منه. لم تسلم منه سوى عندما هربت أخيرًا من قبضتهما كي تعيش بعيدًا عن تحكمهما التام في حياتها. ومجرد فكرة اكتشافهم موقعها جعلتها ترتعد رعبًا.
لم تخبر سيرينا سوسكي حقيقة أنَّها الابنة الوحيدة لدون أحد أكبر مافيات إيطاليا، وكلَّما همَّت لفعل ذلك، تلبَّسها الخوف بأن يتركها لهذا السَّبب. فمن ذا الذي سيخاطر بكل ما يملك ويقع في صدام مع واحدة من أعتى مافيات إيطاليا؟
فقد كان لعائلتها صيتًا ذائعًا في عالم الجريمة. وعلاقتهما كانت موطَّدة تمامًا، وعاجلًا أم آجلًا سيعرف الجميع بشأنهما في حال نقلا علاقتهما لمرحلة أعلى، بسبب كونه شخصًا مشهورًا في البلاد، وبعد ذلك لن يأخذ الأمر وقتًا طويلًا ليصل إلى مسامع عائلتها وتنفتح طاقة من طاقات الجحيم في وجهها مجدَّدًا.كانت حقًّا عازمة على إخباره في يوم ما. وإن كانت حقيقة أنَّها ابنة موزيتِّي لم تعنِ لها شيئًا، فهي ليست واحدة منهم، ولن تكون مطلقًا. مع ذلك كان ضميرها ينهشها لإخفاء الأمر عنه، وفي كلِّ مرَّة أجَّلت الموضوع لحينٍ آخر. بالإضافة إلى ذلك، لقد كانت تاكاهاشي سيرينا، بائعة زهور غريبة الأطوار في التَّاسع والعشرين من عمرها، لا أكثر ولا أقل. هذه هي سيرينا التي هي عليه، هذه هي سيرينا التي لطالما حلمت أن تكونها، أمَّا سيرينا لورينزو موزيتِّي فقد دفنتها وراءها قبل عشر سنوات. هذه هي الحقيقة التي تعيشها. وستتدافع عن وجود تاكاهاشي سيرينا بكلِّ ما أوتيت من قوَّة؛ لن تهرب مجدَّدًا، فهذه الحياة التي هي اختارتها، ولن تدع أيَّ أحدٍ يسلبها منها مهما كان السَّبب، لذلك هذه المرَّة ستقف وتقاتل لأجل ذلك. وهذه السيرينا كانت واقعة بحب آيزن سوسكي.