أسبوعان مرَّا منذ انتقال سيرينا للعيش مع زوجها المستقبليِّ في لاس نوشيس. أمضت الأخيرة الأيَّام بسلاسة لم تتصورها. فعلى عكس توقُّعاتها، استطاعت سيرينا الاستمرار بحياتها المعتادة دون مضايقات من أحد. ووجدت في نيليل صحبة مؤنسة، وكانت بشكل ما تملأ الفراع الذي ولَّدته وفاة ريروكا. افتقدت سيرينا مرح الأخيرة الذي أضفته على المتجر، كما اشتاقت لأحدهم يجلب اللُّعب اللَّطيفة كلَّ يوم إليه لجذب الزَّبائن.
تكفَّلت سيرينا بإجراءات دفن ريروكا وحرصت على أن تكون على أكمل وجه. فحسب ما أتى به التقرير من مشفى كراكورا العام، والذي كان مديره صديقها أوريو إيشيدا شخصيًّا، تبيَّن أن ريروكا كانت وحيدة وبلا أقارب، حيث لم يأتِ أحد من أجلها. آلم سيرينا ذلك؛ أن يكون المرء بلا أحد لهو أمر محزن بحقٍّ، ولكنَّها نسيت لوهلة أنَّها كانت هناك لأجلها. لم يحضر الجنازة سواها هي وإيتشيغو ونيليل. وعندما ودَّعتها سيرينا آخر وداع، أتت امرأة غريبة قاصدة قبر ريروكا. استغربت سيرينا إثر ذلك وسألتها عن هويتها، لتفصح المرأة الغريبة: "أدعى أورا ميتشيبانَي، سررت بلقائك يا آنسة سيرينا."
لاحظت المرأة ذات العينين الفضيتين مفاجأتها فأردفت: "لا داعي للقلق يا عزيزتي، فريروكا كانت بمثابة ابنتي، وكانت تخبرني بالكثير عنك."
لم تستفسر سيرينا كثيرًا عن المرأة، حيث أن الأخيرة ذهبت بلمح البصر كما ظهرت بعدما أن وضعت باقة ورد على قبر ريروكا. حتى أن إيتشيغو ونيليل اللذان كانا خارج المقبرة لم يلحظا دخولها، لدرجة أن سيرينا شكت بأنها سراب من نسج خيالها.
وفي أثناء إقامتها في لاس نوشيس، أخذت سيرينا تتعرف على قاطنيه شيئًا فشيئًا. كانت نيليل بمثابة دليل لها في هذا المكان، فلم تحبذ سؤال سوسكي عن أهل بيته بشكل صريح مباشر، لأنها كانت تتحاشى رؤيته والحديث إليه؛ كانت لاتزال غير راضية بكذبه عليها.
عرَّفتها نيليل أوَّلًا على أبرز الشَّخصيَّات في العائلة؛ الكيوداي العشرة وبعضًا من الشاتي التي عملوا تحت إمرتهم، ولعلَّ تيير هاربيل ذات العينين التُّركوازيَّتين المميَّزتين والشَّاتي الإناث تحت قيادتها، اللَّواتي أُطلق عليهن تريس بيستياس أي الوحشات الثَّلاث، كنُّ أكثر من نلن إعجابها. فقد أدهشها كيف لنساء أن يعملن في عائلة ياكُزا، بل ويحققن مراتب عليا فيها، كما أنه أذهلها كيف لعائلة ياكُزا أن تكون ملأى بالأعضاء الأجانب؛ أخبرتها نيليل أن سوسكي لم يبالِ بجنسية وهوية موظفيه، فجل ما طلبه منهم هو الطاعة المطلقة وإتقان العمل. ترك ذلك سيرينا مشدوهة جدًّا، فسألت إن فعل زعماء عوائل أخرى ذات الشيء، لتجيب نيليل بالنفي. صحيح أن جميع فئات المجتمع الياباني أُجبرت على الانفتاح بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن الياكُزا رفضت ذلك رفضًا قاطعًا، فالياكُزا يعدون أنفسهم خلفاء الساموراي، خصوصًا بعد تخاذل الامبراطور في التمسك بتقاليد البلاد أمام الإجبار الأميركي وفقدانه لقدسيته الإلهية. فنزل على عاتق الياكُزا حمل إرث التقاليد، إلا أنه في العصر الحالي، صار هنالك بعض التسامح والانفتاح ببعض العائلات بالترحيب ببعض الأعضاء الأجانب، شريطة أن يكونوا حاملين للجنسية اليابانية والتي تجبر المرء التخلي عن جنسيته الأصلية مقابل الحصول عليها من الحكومة.