الفصل الثَّاني عشَر

226 7 2
                                    

مضت الأيام منذ عودة سيرينا إلى الديار، أو إلى ما تدعوه الآن بالديار — لاس نوشيس. بث هذا المكان الراحة في قلب سيرينا على نحو غريب، لقد كان دافئًا وآمنًا على الرغم من كونه سجنًا أكثر من كونه منزلًا. كان وقد طلب منها آيزن التخفيف من مقدار خروجها والبقاء هنا في المنزل. رفضت سيرينا الفكرة أولًا، لكنها سرعان ما أدركت أن آيزن لم يكن يطلب منها ذلك. لقد كان ذلك أمرًا.

أمضت سيرينا أيامها في القصر على مضض، ووجدت سلوانًا يلهي بالها في الحديقة الزجاجية للقصر، حيث قضت معظم وقتها هناك في تربية ورعاية النباتات والزهور. كانت ممتنة أشد الامتنان لتيسلا عندما وجدته يقوم برعاية متجرها من أجلها. متجرها الصغير... كم اشتاقت إليه؛ إلى حياتها الهادئة حيث كان جل همها يتمحور حول زهورها وزبائنها. وعدت سيرينا نفسها أن تزوره في أقرب وقت ممكن.

أما الآن فكانت سيرينا تحرث التربة برفق وهي ترتدي ثياب البستنة وهي تفكر بإيتشيغو والآخرين. هل هم بخير؟ هل سيودون رؤيتها بعدما أن عرفوا بحقيقتها؟ هزت سيرينا رأسها وركزت في جذور النباتات التي تعمل عليها. لن يفيد ذلك شيء، لكن خطر في بالها أنها يمكن أن تطلب من آيزن أن تدعو روكيا إلى القصر وتحاول أن تشرح لها ما حدث. لم تعتقد آيزن قد يمانع ذلك، فبياكويا كوتشكي هو حليفه المقرب. لا ضير أن تزورهما أخته بالتبني أليس كذلك؟

”أوي، رويدكِ، ما ذنب هاته الزهور المسكينة؟“ لم يخفِ غريمجو السخرية في صوته. كان الأخير يجلس خلفها برفقة نيليل.

أدارت سيرينا عينيها قبل أن تجيبه: ”على الأقل إنني أعرف كيف أتعامل معها أيها السفيه!“

انفجرت نيليل ضاحكة إزاء كلمات سيرينا المبطنة فيما اختنق غريمجو بسخطه واكتفت سيرينا بضحكة خفيفة دون أن تلتفت إليه.

فعلى نحو غير متوقع، كان هنالك صداقة تتشكل بينها وبين الكيوداي السادس غريمجو. فقد كان الأخير ملتصقًا بنيليل أشد الالتصاق، وحسبما أخبرتها، لقد كان الاثنان مقربين من بعضهما عكس ما قد يشي به سلوكه العدواني تجاه الجميع. حصل ذلك عندما شب خلاف حاد كاد يصل للعنف بين غريمجو ولوبي، أحد الشاتي في العائلة. كان الأخير يلعب بالنار مع غريمجو حيث كان يطلق على نفسه الكيوداي السادس الجديد مما أثار غضبه. صدف وأن حدث ذلك عندما كانت سيرينا تتجول في القصر برفقة نيل. وعلى الرغم من أن الأخيرة قد حذرتها من ألا تدخل في شؤونهم لكن سيرينا لم تكن من النوع الذي يسمع النصائح في حالات كهذه. ولمفاجئة الجميع، استطاعت سيرينا تهدئة النمر المهتاج وحل المشكلة واكتساب صديق جديد إلى صفها.

كانت سيرينا تمضي معظم أوقاتها معهما، ومع نيليل فقط عندما يكون غريمجو مشغولًا بأمر ما. كانت الطريقة الوحيدة التي وجدتها لتتجنب آيزن. كذلك، عودة السيدة هيكيفوني شغلتهما عن بعضهما، وكانت سيرينا شاكرة للأخيرة، فإنها بحاجة لبعض الوقت المستقطع كي تلم شتات نفسها بعد كل الذي حدث، كما أنها ليست مغرمة بالمشاعر المفعمة التي بثها آيزن فيها عندما تكون برفقته. مشاعر الحيرة والاختلاط. مشاعر الحب والكراهية. لقد أرهقها ذلك. في لحظة يكون أكثر شخص تمقته على وجه البسيطة، وفي لحظة أخرى تخشى على حياته وتريد أن تحميه. الأمر مثير للسخرية حقًّا، فقد آل بها المطاف بأن تكون محكومة من قبل عواصف مشاعرها. والوغد لم يتوانى عن أن يستغل ذلك لوهلة، والأدهى من ذلك أنها فقدت قدرتها على منعه من ذلك. لقد كان يمتلكها حقًّا.

سرابٌحيث تعيش القصص. اكتشف الآن