الفصل الأول

256 23 2
                                    

أسيل فتاةٍ صغيرة، تعيش مع جدها وجدتها، بعدما توفيا والديها في حادث سيارة، هي وتوءمها أيان، أسيل هي الأصغر بفارق ست دقائق.

الفتاة الصغيرة كانت بارعة الجمال؛ فقد أخذت عينا والدتها، تتدرج بين الأخضر والرمادى والعسلي، وشعرها الأصفر القصير شديد النعومة، بشرتها بيضاء كبياض الثلج، أما أيان فقد أخذ عينا والده البنية، وشعره الأسود؛ ولكن بشرته كانت بيضاء كأخته.

كانت ملامحهما متشابهة للغاية، رغم أنهما ليسا توءم متماثل، عدا بالطبع لون عينيهما وشعرهما.

بعدما توفيا الوالدان، كانا التوءمان وحيدين؛ فـ حدث النقاش والاتفاق، والذي كان حادًا بعض الشيء؛ ولكن في النهاية حُسم الأمر، التوءمان سيعيشان مع عائلة الأم، وعائلة الأب لها كل الحق في رؤيتهما متى ما أرادا.

الجدة زرعت حب القراءة في قلب أسيل، وكانت ترويه كل نهار، وكل مساء، بقص الحكايات تارةً، وجعلها تقرأ تارةً آخرى؛ فـ هي كانت أول من علمها القراءة والكتابة في الأصل؛ ولشدة حب أسيل لجدتها كانت تتعلم سريعًا، لم تحب القراءةَ يومًا.. بل عشقتها؛ لعشقها لجدتها، وكانت تعشق الرسم كذلك، أما أيان فـ قد زرع فيه جده حب النظام، والقيادة، وكان يهوى الكرة والرسم والصلصال، كان لديه موهبة عظيمة، كما كان قائدًا رائعًا، وحاميًا لأخته الصغرى.

كان الجد والجدة يشترون لأسيل الكثير من القصص، ويشترون لأيان العديد من الصلصال، ويشترون كراسات الرسم والألوان لكلا التوءمان.

كانا التوءمان يقضيان كل الوقت مع جديهما وخالهما؛ ولكن جديهما كانا قد خصصا بعض الوقت ليذهب التوءمان فيه لعائلة الأب كذلك، لجديهما وعمهما؛ فـ هما أرادا للتوءمان أن يكونا مقربين من عائلة الأب كذلك؛ ولأن عائلة الأب لها حق في التوءمان كذلك؛ فـ هم عائلتهم الآخرى.

لذا كان التوءمان يقضيان كل الوقت مع عائلة الأم، ويوم الخميس مع عائلة الأب؛ حيث كان عمهما يذهب ليأخذهم من المدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسي، وفي الإجازة يقضي الأطفال بعض الوقت عند عائلة الأب؛ ولكن بالطبع أسيل وأيان كانا يتحدثان مع آنَّا والجد كل يوم.

كان لديهما خال، وعم فقط.

عمهما كان يشارك أسيل حب القراءة؛ بل كان يكتب بعض الأشياء في أوقات فراغه كذلك، وأراها لأسيل في مرةٍ من المرات، لقد كان يخرج فيها ضيقه واعتراضاته، وكان أسلوبه في الكتابة جيدًا جدًا؛ فـ أُعجبت أسيل بكتاباته كثيرًا، وبالفكرة كذلك بدرجة كبيرة، وهنا خطر على بال أسيل فكرةٍ ما، وهي لما لا تكتب مثل عمها؛ لشدة حبها له، أرادت أن تجرب هي الآخرى.

أما خالهما فـ كان يقضي أغلب الوقت في تدليلهما، كان يقضي معهم الكثير والكثير من الأوقات، كما كان يأخذهما للتنزه كثيرًا، للملاهي وللجنائن، وكان يشتري لهم الكثير من الحلوى، وخصوصًا الشوكولاتة، والتي كثيرًا ما كانت تأكلها أسيل في الخفاء؛ فـ هي مُصابة بحساسية صدرية منذ ولادتها؛ لذا كانت ممنوعة من عدة أكلات، منها الشوكولاته التي تعشقها.

وفي يومٍ ما.. عندما ذهبت أسيل للبيت قررت أن تخبر أخيها بما تريد فعله، الكتابة مثل عمها فـ هي كانت تشاركه كل أفكارها دومًا، ولا تخفي عنه أي شيء مهما كان، قام أيان بتشجيعها لتفعل ما تريد، وفي الصباح استيقظت أسيل من سريرها الوردي لتجد سرير أخيها فارغًا؛ ولكن أيان لم يخبرها أمس بأنه ذاهب إلى مكانٍ ما....

أسيل :- آنا أين أيان ؟
آنا :- لقد خرج مع جدكما.
أسيل :- خرج ! لأين ؟!
آنا :- لا أعلم عزيزتي؛ ولكنهما قالا أنهما ذاهبان لشراء بعض الأشياء التي يحتاجها أيان.
أسيل :- ولكن أيان لم يخبرني بهذا.. حسنًا ربما وجد أن هناك ما ينقصه عندما استيقظ.

ذهبت أسيل لتقرأ بعض القصص حتى يأتي أيان، هما في السابعة من عمرهما؛ ولكن عقليهما كانا أكبر من ذلك؛ فـ القراءة تنمي العقل، وموت أبويهما أثر فيهما، حتى مع إمطار آنا والجد لهم بالكثير من الحب والرعاية والاهتمام ولكن هناك شرخ قد حدث في قلب الصغيرين.

وبينما أسيل تقرأ، سمعت جرس الباب؛ فـ علمت أن أيان والجد قد حضرا.

أيان :- أسيل، أين أنتِ ؟
أسيل :- أنا هنا يا أيان، صباح الخير يا جدي.
الجد :- صباح النور يا أميرة جدكِ الصغيرة.
أيان :- أسيل تعالي معي، أريد أن أريكي ما اشتريت.
أسيل :- حسنًا يا أيان، قادمة.

أخذ أيان بيد أخته، وأدخلها غرفتهما، وبعد أن دخلا غرفتهما، أخرج أيان محتويات الحقيبة البلاستيكية، وهنا كانت المفاجأة....

أسيل :- أيان ما هذا ؟!
أيان :- لقد ذهبت مع جدي في الصباح؛ كي اشتريهم لكي، دفتر وأقلام وملصقات؛ كي تبدأي في كتابتكِ، ويجب أن تقومي بعمل قائمة خارجية بالأشياء التي تريدين الكتابة عنها، وأنا أول من سيقرأ هذه الكتابات، ويمكن أن تريها إلى آنا وعمنا أيضًا؛ فـ هما بالتأكيد سيقومان بإرشادك بشكلٍ جيد.

قامت أسيل باحتضان أخيها، وقالت له إنها تحبه كثيرًا، كيف لا وهو توءمها وأخيها الكبير وأغلى ما لديها، لقد كانت مفاجأته لها غاية في الجمال.

ثم ذهب التوءمان إلى حجرة الدراسة ليذاكرا؛ فهما في الصف الثالث الإبتدائي، وهو شهادة؛ لذا عليهما أن يذاكرا بجد؛ ليحافظا على مستواهم الدراسي المتفوق على الدوام.

كانت السنة صعبة للغاية؛ ليس لأنه عام دراسي هام فقط؛ ولكن لأنها السنة التي توفيا فيها والدا التوءمان أيضًا، وكانت أسيل تفزع كثيرًا بسبب الكوابيس، ويظل أيان وآنا يواسوها حتى تهدأ، وتنام مجددًا، كانت أسيل هي الأكثر تأثرًا من أيان، كانت تشعر أنها بشكلٍ ما هي السبب فيما حدث لهما؛ فـ هي من أصرت على أن يذهبا للحفل هي وأيان، وحدث ما حدث أثناء ذهاب الوالدان لإحضار كلا التوءمان......

حاول أيان كثيرًا أن يُثنيها عن تفكيرها هذا؛ ولكنه فشل، وكانت أول مرة يفشل فيها أيان في إقناع أسيل بشيءٍ ما، وبعدما حاول العديد من الأشخاص لجعلها تتجاوز هذه الأزمة والكوابيس، لجئوا إلى الطبيب النفسي لحل هذه الأزمة.

وبالفعل نجح الطبيب، وبعد عدة جلسات استطاعت أسيل أن تتجاوز الأمر وتكمل حياتها بشكلٍ سلس إلى حدٍ ما، واختفت الكوابيس أخيرًا....

كما أن التوءمان قد نجحا بتفوق كبير؛ لذا قررت العائلة أن تقيم لهما حفلة كبيرة، يحضرها جميع الأهل والأحباب والأصدقاء، وكانت حفلة جميلة للغاية.

حكاية أملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن