الفصل السادس عشر

57 8 0
                                    

كان آدم يجلس على كرسيه في مكتبه، رأسه إلى الوراء، مغمض لعينيه، وسارح في يوم الحادثة البشعة، وما تلاها حين فُتح الباب فجأة.

السكرتيرة :- يا آنسة إلى أين أنتِ ذاهبة ؟، هذا غير لائق.
آدم ببرود :- اتركيها واخرجي.

كان يقف أمام نافذة مكتبه، ويضع يديه في جيوب بنطال بدلته، حين شم رائحتها المميزة، وسمع صوت السكرتيرة؛ لذا تحدث دون أن يلتفت حتى، وبالفعل خرجت السكرتيرة بكل هدوء، وعندما خرجت السكرتيرة، وقف ينظر إلى بركان الغضب الماثل أمامه، والذي لم يتوقع ظهوره أبدًا، وخاصةً الآن، وهنا.. في الشركة.

آدم :- ماذا تريدين أيتها الطبيبة الناجحة ؟، لما أتيتي إلى هنا ؟
أسيل بغضب :- أتيت لأوقفك عن إكمال هذه المهزلة التي تعيش فيها.
آدم ببرود شديد :- وما شأنكِ أنتِ ؟!، من أنتِ لتتدخلين ؟!، بأي صفة ؟!، هذه حياتي، وأنا حر فيما أفعل بها.
أسيل :- بالنسبة لشأني؛ فـ أنا صديقتك، وإن كنت ترفضني كطبيبة، واجب الصداقة لا ينتهي في يوم يا آدم، حتى وإن ظننتني خائنة، أنا لم أتخلى عنك، وأما بالنسبة للحرية، لا لست حرًا؛ فـ أنت لا تعيش بمفردك.
آدم مستهزئًا :- ومن الذي يعيش معي ؟، أنتِ ؟

استهزاء آدم رغم أنه صحيح، إلا أنه آلم أسيل؛ ولكنها تمكنت من إخفاء ألمها هذا.

أسيل :- ربما لا؛ ولكني لست الوحيدة التي في حياتك؛ فـ هناك أختك، وصديقك، وإن أردت أن تخرج أحمد من حياتك لمجرد تفكير مُعاق في رأسك؛ فـ لن تتمكن من إخراج ليليان منها مهما حاولت أو فعلت.
آدم باستحقار :- مازال.. ما شأنكِ أنتِ ؟!
أسيل :- شأني ؟!، تريد أن تعرف ؟، قبل عدة شهور من اليوم، أتى إلى طفلًا باكيًا، كان خائفًا من أن يفقد صداقة لم تتكون بعد، أما الآن أنظر إلى هذا الطفل؛ فـ أجد رجلًا قاسيًا بلا قلب، يؤذي كل من حوله بأسوأ الطرق، حتى هذا الطفل الصغير البرئ، لقد اشاع للجميع بأنه قتله؛ ولكنه لم يفعل، هذا الطفل مازال حيًا، إنه فقط خائف من هذا الرجل القاسي؛ لذا هو مختبئ بمكانٍ ما؛ ولكنه لم يمت، إنه مايزال على قيد الحياة، شئت.. أم أبيت.. هذا الطفل مازال يُصارع للبقاء على قيد الحياة..

تحرك آدم ناحية أسيل بسرعة، وقد استطاعت أن تثير غضبه بعد أن كان هادئًا إلى درجة البرود؛ ولكنها كانت شجاعه أيضًا، ولم تتحرك قيد أُنملة من مكانها.

آدم بغضب شديد :- توقفي عن هذا، توقفي عن ألاعيبك هذه؛ فـ أنتِ لن تؤثري بي، أنتِ لا تعرفين من أنا يا فتاة، لم تشعري بما عشته؛ لذا لا تحاولي لعب دور المخَّلصة؛ لأنكِ لن تنجحي فيه أبدًا.
اقتربت أسيل من آدم خطوة أخرى، الخطوة الباقية بينهما وبكل هدوء :- آدم.. أتظنني طفلة تخاف من الصوت العالي، لا لست أنا، ستعود إلى ما كنت عليه شئت أم أبيت، أنا لا أخسر تحدي أبدًا.
آدم بصوتٍ أعلى :- هذه المرة لقد خسرتي، أنتِ فقط تعافرين، اقبلي الهزيمة يا حضرة الطبيبة؛ فـ هذا أفضل لكِ.

حكاية أملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن