الفصل الثانى

151 16 2
                                    

كبر التوءمان سويًا، وكانا دومًا معًا في كل المراحل العمرية، وفي كل شيء، إنهما روحٌ واحدة في جسدين، لا يحتاجان للكلام؛ ليفهما بعضهما البعض، كانا يذاكران سويًا، ويلعبان في وقت فراغهما معًا، ويمارس كلٌ منهما هوايته في وجود الآخر، كما كان لديهم العديد من الأصدقاء المشتركين؛ وواحدة فقط كانت كالأخت الصغرى لكلاهما، كما أخٍ كبير لهما.

كانا التوءمان يتشاركان في كل شيء منذ صغرهم، بما فيه جناح النوم، وغرفة المكتب، وغرفة الألعاب، بالرغم من وجود العديد من الغرف في الڤيلا، وإمكانية حصولهم على غرف منفصلة؛ ولكنهما لم يفكرا حتى في هذا مجرد التفكير، إنها غرفة واحدة من الخارج، لها نفس الباب، ومن الداخل صُممت لتحتوى أشياء كلا التوءمين بشكلٍ منفصل إلى حد ما، مثل غرفة الملابس والحمام.

كان الجناح جميل للغاية، وهو مزين بكلا اللونين الروز والأزرق معًا، وفي ركنٍ في الجناح كانت تسريحة أسيل باللون الروز ذات الشكل المميز والمرآة الكبيرة، بجانب أختها باللون الأزرق لأجل أيان، وسريرهما بجانب بعضهما البعض، لا يفصل بينهما إلا الاثنان كومود إحداهما لأسيل والأخر لأيان، وفي جانبي الآسرة الأخرى الاثنان الآخران.

واليوم أنهى التوءمان الثانوية العامة، وهي المرحلة الدراسية الوحيدة التي اضطر فيها كلاهما على الانفصال في بعض الدروس؛ فـ أسيل كانت علمي علوم، وأيان كان علمي رياضة، والآن لقد أنهيا الامتحانات، وهما جالسان ينتظران النتيجة.

في غرفة المكتبة....

أيان :- أسيل....
أسيل :- نعم يا أيان.
أيان :- ماذا تفعلين هنا ؟، لماذا تجلسين بمفردكِ ؟!
أسيل :- اقرأ قليلًا.
أيان بلطف :- سيلا.. لا تنسي أنكِ توءمي، وأنني أشعر بكِ، ثم إننا لا نخفي شيء على أحدنا الآخر، أليس كذلك ؟!

أومأت أسيل؛ فـ أكمل أيان

أيان :- أنتِ خائفة من النتيجة.. أليس كذلك عزيزتي ؟!

أجابته بأن نعم؛ فـ هي تخشى أن يحصل شيء خاطئ؛ فـ يحزن جداها، هي لن تقوى على حزنهما معًا، ولا حتى على حزن أحدهما؛ فـ طمأنها أخيها، وأخبرها بأنهما قد بذلا أقصى ما لديهما، والأمر الآن بيد الله؛ لذا عليها ألا تقلق، وألا تفكر كثيرًا في الأمر.

ظهرت النتيجة، ونجح كلاهما بتفوق؛ وقررت الأسرة عمل احتفال كبير لتهنئتهما، كعادة كل سنة.

دخلت أسيل كلية الطب، حلمها، وحلم جدتها وأمها من قبلها، ودخل أيان كلية الحاسبات والمعلومات.

ومرت السنين وتخرج كلاهما بتفوق كبير، كان كل شيء على ما يرام، إلا أن أسيل ما انفكت تشعر بهذا الفراغ بين صدرها، شعور بالخواء، هناك شيء ناقص، كأنه تم قطع قطعة من روحها، وأُخذت بعيدًا عنها للأبد، هذا الشعور لم يتوقف منذ الحادثة؛ ولكنه ليس فقدان أمها وأبيها، هناك شيء يخبرها بأنه شيء آخر؛ ولكن ذاكرتها لا تسعفها على المعرفة أبدًا، لطالما حدثت أخيها العزيز عن هذا الشعور؛ ولكنه كان يطمئنها دومًا، ويخبرها بأنه معها، وأن كل شيء سيصبح على ما يرام.

حكاية أملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن