~مقنّع~

687 18 11
                                    

لقد كنت أخاف من العالم الخارجيّ وأخاف أن لا أحسن التّصرّف أو أن أجرح أحدا.
لم أكن قبيح المظهر ولا سيّء الخلق فقط كنت مجرّد فتى مملّ يحبّ القراءة.
لم أشعر بالنّدم عندما إخترت إرتداء هذا القناع الغريب.
لست غريب الأطوار أنا فقط أشعر بالخوف لأنّ لا أحد يتقبّلني كما أنا.

                        ____

الجميع يقومون بأنشطتهم العاديّة في الجامعة ما عدا شابّ وحيد يجلس بجانب النّافذة يحدّق في الخارج.
دخل الأستاذ لتبدأ المحاضرة المملّة لتنتهي بعد ساعتين.

حمل المدعوّ جينو حقيبته وذهب للمكتبة كعادته ليتسلّى بين الكتب.

"بنيّ أهلا بك لقد أحضرت لك الرّواية اللّتي طلبتها."
قال رجل في منتصف العمر.

"شكرا سيّدي."
شكره جينو بإبتسامة لطيفة.

في الحقيقة جينو لا يزيل القناع إلّا عندما يدخل المكتبة بإعتبارها مكانا مهجورا لا يدخله أحد.
جلست في مكانه المفضّل لينغمس في المطالعة دون التّفطّن للشّخص اللّذي كان يراقبه عن بعد مترين فقط.

"يا إلهي ملاك يقرأ!"

تفاجئ جينو بسبب صوت الفتاة العالي اللّذي جعله ينظر بصدمة.

"أنا لم أرك في جامعتنا من قبل.هل تدرس هنا؟"

"أنا...أنا.. لا. أنا أدرس بكليّة أخرى وأتيت لأجلس مع أبي."
أجاب جينو بينما ينظر لمدير المكتبة اللّذي لم يكن يسمع ما يقوله جبنو حرفيّا.

"حسنا فهمت.أنت لطيف يا هذا!"
صرّحت الفتاة بمرح لتخرج هاتفها وتضعه أمام جينو بكلّ جرأة.

"ماذا؟"

"أكتب رقمك لأتّصل بك في ما بعد صديقي."

"صديقك؟ أنا...حسنا."
أخذ منها الهاتف ليسجّل رقمه ويمرّره لها لتبتسم بسعادة وتسجّله بإسم "الملاك".

"شكرا لك.أراك لاحقا."
رحلت دون قول إسمها ليشعر جينو بالحرج ولم يعرف كيف يتصرّف في موقف كهذا.

"وداعا سيّدي."

"عمت مساء بنيّ."

وضع القناع على وجهه ليغادر الجامعة وقد كانت السّاعة تشير للثّالثة مساء.

جلس على سريره ليتذكّر ما حدث اليوم ويحمرّ وجهه مجدّدا.
فكّر في تجاهل إتّصالاتها لكنّه تشجّع أخيرا وردّ عليها.

"مرحبا أيّها الملاك.هل وصلت لبيتك وأنت بخير."

"أجل...أنا بخير."

"ما إسمك؟"

"أ...أنا...جينو...لي جينو."

"لا تخجل ولا داعي للتّلعثم في الكلام.إرتح جيّدا. أنا كيم سونغ كيونغ."

"سررت بمعرفتكي."
أغلق الهاتف بسرعة ليتنفّس بعمق لأنّ الإتّصال إنتهى أخيرا.

لقد أعطاها إسمه الحقيقيّ.
ماذا لو إكتشفت أنّه فتى منبوذ من الجميع ولم تتقبّله؟
طرد جينو تلك الأفكار من رأسه ليخلد للنّوم.
                        _____

تلك الفتاة كانت فضوليّة لذلك قامت بسؤال الجميع عن لي جينو ليخبروها أنّه يدرس معهم.

عند الثاّمنة دخل جينو من بوّابة الجامعة وهو يرتدي قناعه ويحاول قدر الإمكان تجنّب طالبة الصفّ الأوّل كيم سونغ كيونغ.

دخل ليجدها رفقة أحد زملائه في الفصل ليتجمّد مكانه بسبب إشارته له.

"هاهو لي جينو قد أتى."

"ذلك لي جينو!"

أسرع جينو ودخل المحاضرة ولكنّ يدا أمسكت به ليلتفت ويجد الفتاة تحدّق به.

"هل يمكنك المجيء معي للمكتبة؟"

"ح..حسنا."

                     _____

"لما كذبت عليّ؟ لما تغطـي وجهك عنهم؟"

"أنا فقط...أحبّ البقاء وحدي كشبح لأنّني لست النّوع المفضّل لأحد.ما اللّذي سيعجبهم بشخصيّتي مثلا؟"
سأل الشّابّ بحزن لترتسم إبتسامة مكسورة على ثغر سونغ كيونغ اللّتي إقتربت لتنزع عنه القناع.

"وجهك وسيم.شخصيّتك طيّبة ولطيفة.أنت تحتاج لأن تثق بنفسك لا أكثر ولا أقلّ."

"هل...هل تعتقدين أنّني وسيم؟"
أضاف بإحراج.

"إنّها الحقيقة لي جينو. لا تحتاج لذلك الشّيء اللّذي يغطّي وجهك. تحتاج لأن تبتسم دوما وتقدّم أفضل ما لديك.
لقد رأيتك في المكتبة وأوّل ما فكّرت به هو أن أكون صديقة جيّدة."

"شكرا لكونكي هكذا.رغم أنـنا تعرّفنا قبل يوم ولكنّكي تساعدينني الآن!"

"أنت تستحقّ الأفضل.والآن سوف أرمي هذا."
أردفت لتلقي قناعه في سلّة المهملات وتخرج.

"لما قلت أنّك إبن أمين المكتبة؟لما أخفيت عنّي أنّك تدرس هنا"

"لأنّني لم أرد أن أختلط بالآخرين.
في الماضي كان الجميع يصادقني فقط لأجل المصلحة كما أنّ الفتيات يردن مواعدتي فقط لأجل شكلي ويقمن بإستغلالي ثمّ الذّهاب مع فتيان طائشين."

"لذلك السّبب تغطّي وجهك؟"

"كما سمعتي."

"أحبّ الفتيان اللّطفاء مثلك."

لقد شعر جينو بالخوف لأنّ هناك فتاة قصيرة أصغر منه تتغزّل به بينما هو يغطّي وجهه خجلا.

لم يتغيّر جينو النّقيّ أبدا وإقتنع أخيرا أنّ هناك أناس سيحبّونك لأجل روحك الصّادقة.

🍀🍀🍀
كيفكم؟🌸
تلقّيتوا هدايا؟😭😹😹
إعتنوا بأنفسكم🌟

Nct land حيث تعيش القصص. اكتشف الآن