المشهد السابع

951 59 1
                                    

منذ ذلك اليوم التي قررت فيه أن تكون أنثى ربما شكلاً لكن طباعها لا تزال كما هي؛ وإن حاولت تهذيبها قليلاً ليس إلا مجاكرتًا بشقيقها وسيف الأحمق، تترقق تتدلل،

لكن رغمًا عنها يخرج جنونها؛ فتتحول إلى جعفر خاصةً مع أفعال والدتها المستفزة، تلك التي انتهزت الفرصة لتجدها بعد يومين تدلف لغرفتها، ومعها العديد والعديد من الأشياء..

أشياء اتسعت لها عينيها بذهول, وارتياع بنفس الوقت.. وشهد تخبرها أنها ستحتاج إليها، بمظهرها الجديد..

تلك.. تلك الملابس التي اصابتها بالدوار، فساتين، سترات، بناطيل..

وجميعهم بألوان صاخبة كالمهرجين بنظرها، أنثوية بنظر والدتها..

والأم تصطاد بالماء العكِر؛ الذي ستجعله يفور بوجهها, لتتحول من الرقيقة بتصنع؛ لتعود لطبيعتها المتشردة؛

فتتحدث عن رفيقتها تلك التي أخبرتها أن هناك عريس آتٍ من الخليج يريد عروس، تلمح لها بالأمر..

حسنا إلى هنا وكفى.. تلك الاحلام والأمنيات التي تتحدث عنها والدتها عليها وأدها منذ الآن وإلا انقلب الأمر عليها..

فتخبرها بكل وضوح بصوتها العالي:" لا لا لا.. انسي يا أمي.. كل اللي بتفكري فيه ده في البلاله.. لا عريس ولا عتريس.. أنا مش فاضية للهري ده.. عم أبو نواس الخليجي يروح يشوفله أبله ميرفت بتاعة الموسيقى يتجوزها.. واهي شغلة مطلوبة تساعده هناك.."

وشهد تهادن بابتسامة مصطنعة، تدلل، وتنتهج سياسة النفس الطويل، كي تقوم بتدبيسها،

فتقول بنبرة الأم الحنون:" يا حبيبتي أنا بتكلم وبقول تشوفيه.."

فتقطع الحديث قبل أن يزداد الأمر ليصبح كارثيًا:" أشوف مين.. مهشوفش حد أنا.. أنا فاهمة اللبة كلها.. شوفيه.. طب اتعرفِ عليه.. كلميه.. ومن شوفة لمعرفة.. البس في حيطة.."

فتعود الأم الحنون لطبيعتها الساخطة، تهدر بحدة:" يعني ايه.. كل واحدة تجبلي عريس حتى متشوفيهوش.. طلعت عليكِ سمعة خلاص مفيش حد عاجبك.."

هزت رأسها بلا مبالاة، تردد بابتسامة سمجة:" فعلا.. مبيعجبنيش حد.. يلا خليه يرجع يكون الثروة بعيد عني.. واحدة شغالة ظابطة هروح الخليج اشتغل ايه..

اظبط مقاسات البنطلونات علشان كرشه اللي هيكبر كل شهر بلا هم.."

فتجد الدموع مع النبرة المتحسرة قاصدة التأثير:" عيني عليا وعلى بختي في ولادي.. مش عارفة افرح بحد فيهم.."

وإن ظنت أن من أمامها ستتأثر؛ فباب العشم طرح تطنيش، اتجهت إليها تربت على كتفها بمواساة،

قائلة ببرود:" بصي يا حجة.. عايزة تفرحي روحي جوزي آدم.. لكن مش أنا اللي ادبس.. إنتِ تفرحي.. وأنا الطم.."

روفيدة وسيف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن