بداخل غرفة الفندق تدور حول نفسها وكأنها محبوسة بقفص مع أحد المفترسين,
تنظر حولها بعينين متسعتين برعب, تراقب سيف الذي جلس على أحد المقاعد الجانبية للغرفة, ينظر إليها بهدوء مريب,
فقد أفسدت لتوها أحد طقوس ليلة الزفاف, حين وصلا إلى باب الغرفة وفتح الباب, همّ بحملها؛ لكنها تراجعت للخلف تكاد تركض حين لمسها, يُخبرها بابتسامة مضيئة عما سيفعله,
لتعود بعدها ترميه بنظرة قاتلة, تدفعه للخلف دالفة للغرفة, تكاد تُغلق الباب بوجهه, لكنه أسرع ليلحق بها زافرًا بحنق,
لم يكد يُغلقه ليلتفت إليها, فوجدها تقف بتحفز تُحذره بجنون أن يقترب منها؛ وإلا ستقتله,
ليتراجع بصمت جالسًا على أحد الكراسي, ناظرًا للجدار بشفتين ممطوتين للجانب بنزق, ساخرًا من أفكاره وأحلامه التي نسجها,
مربتًا على صدره بيده, وكأنه يواسي نفسه, ليشعر بشيء داخل جيب جاكيت بذلته, وحين دس يده ليرى ما ذلك,
وجد لُفافة التبغ التي أعطاها إليه أحد رفاقه, فنظر إليها ضاحكًا بسخرية,
مُحدثًا نفسه بخفوت متهكم:" شكلك إنتِ اللي هتكوني عروستي الليلة.."
تلفت حوله ليجد أحد الشموع على طاولة العشاء الخاص بالعروسين, والذي أمر بإحضاره قبل دخوله؛ كي لا يقاطعه أحدهم, فتزداد سخريته الحانقة,
متجهًا إليها يُشعل منها اللفافة, ثم يطفئها بنفس مشتعل,
ليعود لمقعده مُدخنًا لفافة تبغه ببطء شديد أقرب للملل..
أما هي فتراقبه بطرف عينها, ترى حركاته, وتدخينه لتلك اللفافة غريبة الرائحة,
فتسبه وهي تكاد تبكي, دون أن تتوقف عن التحرك بالغرفة, تأكل أظافرها بتوتر,
مغمغمة:" إنتَ فين يا آدم؟.. اتأخرت كده ليه!.."
لحظات, دقائق, لكنها تمر عليها وكأنها دهر كامل بهذه الليلة,
تراه يتحرك اتجاهها وعلى وجهه ابتسامة واسعة بلهاء, يسألها برقة ذئبية:" مالك يا روفي قلقانة ليه!.."
فترميه بنظرة ساخطة, مع هزها لساقها بعصبية, ترد عليه بتحفز:" عايزة امشي من هنا.."
لكن مع اقترابه أكثر منها, ونظراته المريبة, عقدت حاجبيها بتوجس, متسائلة:" بتبصلي كده ليه!.."
أما هو فبعد أن أنهى لفافة التبغ خاصته, بدقائق شعر بشيء غريب, حرارة مفاجئة, مع سعادة غريبة,
تجعله يود الضحك كالمجنون, شاعرًا أنه يكاد يطير على بساط سحري,
وأمامه روفيدة بفستانها الأبيض, تُغريه وبشدة, لمعت عيناه برغبة,